للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصّحابة, ذكرهم غير واحد من العلماء, منهم: الحافظ أبو محمد بن حزم (١) , والشّيخ أحمد بن محمد في كتاب ((الشجرة)) (٢).

وتعيينهم وكمية عددهم, وإن نقلت بالآحاد فكثرتهم في الجملة معلومة بالضرورة, وأمّا إن أقرّ بما هو معلوم من أنّ العامّة لم يكونوا ملتزمين لمذهب صحابي واحدو وأنّ الصّحابة لم يكونوا مقتصرين على فتوى مفت واحد, فليت شعري أيّ البواطل تركب؟ هل القول بأنّ كلّ مفت من الصّحابة كان له أتباع؟ فهذا يفضي في تشعّب مذاهبهم إلى غاية الاتساع, فيكون العامّة في زمنهم أكثر من مئة فرقة على عدد المفتين, أو ترتكب القول بإلزام العامة لمذاهب جماعة مخصوصين, فهذا مثل دعوى الرّوافض للاختصاص بالعلم بالنّصّ على اثني عشر إماماً منصوصين.

والجواب عليهم الجميع: أنّ أهل العلم يشاركون لكم في معرفة الآثار, والبحث عن السّير والأخبار, ولم يعرفوا من هذا شيئاً, ولا عرفوا فيه علماً ولا ظنّاً, ولا يصحّ أن يوحي إليكم ذلك من دون النّاس, فما سبب الانفراد بهذا العلم والاختصاص؟.

وبالجملة: فالمعلوم ضرورة أنّ العامّيّ في زمن الصّحابة كان يفزع في الفتوى إلى من شاء منهم, من غير نكير في ذلك, وهذا من الأمور المعلومة, وقد احتجّ بذلك ابن الحاجب في ((مختصر


(١) ذكرهم في ((الأحكام)): (٥/ ٩٢ - ٩٤).
(٢) كتاب ((الشجرة في الإجماعات)) لأحمد بن محمد بن الحسن الرّصاص, من أكابر علماء الزيدية ت (٦٥٦هـ). ((مصادر الفكر)): (ص/١٧٣ - ١٧٤) , والأعلام: (١/ ٢١٩).