للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقوّي هذا وجوه: أحدهما: أنّ أحمد ابن حنبل تكلّم في وجه امتناع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من مسّ الوليد وأنّه منع من بركته لسابق علمه فيه, وهذا يدلّ على معرفة أحمد بأصل (١) الحديث لأنّه من أعرف النّاس بالحديث بالإجماع.

وثانيهما: أنّ في الحديث أموراً لم تثبت في رواية الوليد, مثل ما روى أحمد ابن حنبل من كونه - عليه السلام - لم يدع له بالبركة, ولكون الوليد سلح يومئذ, وتقذَّره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , وهذا يدلّ على أنّ الحديث معروف من غير طريق الوليد, ويقوّيه: أنّ الحاكم أبا أحمد الكرابيسي ذكر: أنّ راوي هذا الحديث الذي رواه أبو داود خولف في إسناده فدلّ على أنّ له راوياً غير من ذكر أبو داود, وأنّ للحديث أصلاً, وأنه قد ثبت عن أبي داود أنّه: لا يورد في سننه جميع ما يعرف من طرق الحديث كيلا يطول ذلك على المتعلّمين (٢).

وثالثها: أنّ هذا الحديث من مثالب الوليد, ومناقصه, فالظّنّ يقوي في صدقه فيه, ولعلّ أبا داود إنّما رواه عنه لهذه النّكتة, فإنّ شهادة الإنسان على نفسه بما يدخل عليه النّقص من أقوى الشّهادات, ولقد استشعر هذا الوليد /فاعتذر بأنّه إنّما لم يمسّه لأجل الخلوق, وهذا العذر ضعيف لوجوه:

أوّلها: أنّه امتنع من الدّعاء له وهو صغير لا ذنب له في استعمال الخلوق, ولا يستحق الزّجر كما فعل مع عمّار.


(١) في (س): ((بثبوت)).
(٢) كما في ((رسالته إلى أهل مكة)): (ص/٢٣).