للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يقطعوا ما أمر الله بوصله (١) من رحامته, وهذه كراهية طبيعية لأنّه - عليه السلام - , لم يكره النّظر إلى من تاب من الشّرك, مع أنّه أعظم الذّنوب, وقد قال - عليه السلام -: ((أللهم إنّي آسف كما يأسف بنو آدم)) (٢) الحديث, وليس من رقّ لرحم من أرحامه ممن غضب عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعدّ مخالفاً له - عليه السلام - , فقد رقّ العبّاس عمّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقريش في قصّة الفتح, وخاف أن تستأصل شأفتهم, فسار الليل إليهم وأخبر أبا سفيان بخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , وجاء به, وأقرّه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك, وقد كان عثمان شفيقاً رحيماً, وقد فعل مثل هذا في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فلم ينكر عليه, وذلك أنّه شفع بوم الفتح في أخيه من الرّضاعة: عبد الله بن سعد بن أبي سرح بعد أن أمر النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بقتله, وقد عفا عليّ - عليه السلام - عن مروان بن الحكم يوم الجمل وقال: أدركتني عليه رحم ماسّة (٣) , بل قد قال نوح - عليه السلام -: {رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الحَقُّ} [هود:٤٥] , مع أنه


(١) في (س): ((يوصل))!.
(٢) أخرجه مسلم برقم (٢٦٠١) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - , بلفظ: ((اللهم إنّما محمد بشر, يغضب كما يغضب البشر .. )) وروي بألفاظ أخرى متقاربة.
(٣) في هامش (أ) و (ي) ما نصه:
((هذا رواه الذّهبي في ((النبلاء)) بهذا اللفظ, وما إخاله إلا مفترى. تمت. من إفادة البدر المنير محمد بن إسماعيل الأمير -رحمه الله-)) اهـ.
أقول: انظر: ((السير)): (٣/ ٤٧٧) , وحكى هذا الخبر عن الشافعي. وهو في ((تاريخ ابن عساكر)).