للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو كان منافقاً لاغتنم الفرصة حين حكّمه عليّ, ومال إلى الدّنيا وتابع من أعطاه منها, ولم ينظر للمسلمين.

ولو كان كذلك؛ لما اختار عبد الله بن عمر للخلافة, فإنّ عبد الله من أئمة التّقوى, ومعادن الزّهادة في الدّنيا, والمنافق إنّما يحبّ أهل الفسق والجرأة.

وأيضاً فإنّ أبا موسى استمرّ على العبادة, والاجتهاد في المدّة الطويلة من أوّل إسلامه إلى أن انقضت خلافة الخلفاء -رضي الله عنهم-, والمنافق ينجم (١) نفاقه, ولا تستمر له [الاستقامة] (٢) على الدّيانة (٣).

ولما قرب موته اجتهد في العبادة اجتهاداً شديداً, فقيل له: لو أمسكت ورفقت بنفسك؟ فقال: إنّ الخيل إذا أرسلت فقاربت رأس مجراها, أخرجت جميع ما عندها, والذي بقي من أجلي أقلّ من ذلك.

ثمّ إنّه من السّابقين إلي الإسلام قبل ظهوره, والمتحمّلين لمشقّة الهجرة, وترك المال الوطن, وقد قرن الله الخروج من الدّيار بقتل الأنفس, وليس في المنافقين من أسلم من غير تقيّة, فكيف يتصوّر أن يسلم في أرض بعيدة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم (٤) يظهر فيها الإسلام, ثمّ


(١) أي: يظهر.
(٢) في (أ): ((الإقامة)) , والمثبت من (ي) و (س).
(٣) في (س): ((الدنيا))! وهو خطأ.
(٤) في (س): ((لم)) ولها وجه.