للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحمد بمثله هنا.

ومنها: أنّه قد ثبت بالتّواتر أنّ الحافظ ابن الجوزيّ من أئمة الحنابلة, وليس في ذلك نزاع, ولا شكّ أنّ تصانيفه في المواعظ وتواليفه في الرّقائق مدرس فضلائهم, وتحفة علمائهم, فبها يتواعظون ويخطبون, وعليها في جميع أحوالهم يعتمدون.

وقد ذكر ابن الجوزيّ في كتبه هذه ما يقتضي نزاهتهم عن هذه العقيدة, وأنا أورد من كلامه في ذلك ما يشهد بصحّة ما ذكرته, فمن ذلك قوله في كتاب ((المدهش)) (١) في قوله تعالى: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ والبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٍ} [الحديد:٣]. قال ابن الجوزيّ: ((أوّل: ليس له مبتدأ, آخر: جلّ عن منتهى (٢) , يثبته العقل [ولا يدركه] (٣) الحسّ. كلّ مخلوق /محصور بحدّ مأسور في سور قطر. والخالق بائن مباين يعرف بعدم مألوف [التّعريف] (٤) ارتفعت لعدم الشِّبه والشُّبه, إنّما يقع الإشكال في وصف من له أشكال. وإنّما تضرب الأمثال, لمن له أمثال. وأمّا من لم يزل ولا يزال فما للحسّ معه مجال. عظمته عظمت عن نيل كفّ الخيال, كيف يقال: كيف, والكيف في حقّه محال؟ أنّى تتخايله الأوهام وهي صنعته, كيف تحدّه العقول وهي فعله, كيف تحويه الأماكن وهي وضعه؟ انقطع سير الفكر, وقف سلوك الذّهن,


(١) (ص/١٣٧).
(٢) بعدها في ((المدهش)): ((ظاهر بالدليل باطن بالحجاب)).
(٣) في (أ): ((لا يثبته)) , والمثبت من ((المدهش)) و (ي) و (س).
(٤) سقطت من (أ).