للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحسن البصريّ, وأبي قلابة, وأبي العالية. وكان ابن المسيّب أصح الجماعة حديثاً من غير قدح في علم من هو دونه.

ولهذا السبب تكلّم بعض (١) الحفّاظ في حديث الإمام الأعظم أبي حنيفة - رضي الله عنه -؛ فظنّ بعض الجهّال أنّ ذلك يقتضي القدح في اجتهاده, وإمامته, وليس كذلك, فغاية ما في الباب أنّ غيره أحفظ منه، وذلك لا يستلزم أنّ غيره أفضل منه, ولا أعلم منه على الإطلاق, فقد كان أبو هريرة - رضي الله عنه - أحفظ الصحابة -رضي الله عنهم-, ولم يكن أعلمهم, ولا أفقههم, ولا أفضلهم, وقد كان معاذ أفقههم, وزيد أفرضهم, وعليّ أقضاهم, وأبيّ أقرأهم, والخلفاء أفضلهم.

وبعد؛ فالمناقب مواهب يهب الله منها ما يشاء لمن يشاء, وقد أشار الذّهبي إلى الاعتذار عن ذكر الإمام أبي حنيفة وأمثاله, وإلى أنّه لا قدح عليه بما ذكر فيه من الاختلاف, فقال في خطبة ((الميزان)) (٢): ((وكذا لا أذكر من الأئمة /المتبوعين في الفروع أحداً لجلالتهم في الإسلام, وعظمتهم في النّفوس, فإن ذكرت أحداً منهم فأذكره على الإنصاف, وما يضرّه ذلك عند الله, ولا عند النّاس, إنّما يضر الإنسان الكذب, والإصرار على كثرة الخطأ, والتّجرّي على تدليس الباطل, فإنّه خيانة وجناية, فالمرء المسلم يطبع على كلّ شيء إلا الخيانة والكذب)). انتهى كلامه.


(١) بل أكثرهم على تضعيفه في الحديث, ولا يقدح ذلك في إمامته, وهذا هو الإنصاف, وما سواه خطل واعتساف.
(٢) (١/ ٢ - ٣).