للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحوالها, موصوف بصفات الكمال الّلائق به بتمامها, فما (١) أخبرنا الصّادقون عنه بشيء من أسمائه وصفاته قبلناه واعتقدناه, وما لم يتعرّضوا له؛ سكتنا عنه, وتركنا الخوض فيه.

هذه طريقة السّلف (٢وما سواها مهاوٍ وتلف)) , ثم أورد ما جاء عن الأئمة والسّلف (٢) من النّهي عنه.

والقصد بإيراد هذا الكلام أن يظهر لك أنّ القوم لم يتركوا علم الكلام لدقّته وغموضه, وإنّما تركوه لما نصّوا عليه من ثبوت النّهي عنه عندهم, وكونه غير مفيد اليقين في الخفيّات, ولا يحتاج إليه في الجليّات. وقد نصّ على هذه العلّة كثير من المتكلّمين كما قدّمنا. وقد خاض في علم الكلام غير واحد من المحدّثين كابن تيمية, والشّيخ تقي الدّين (٣) , فبلغوا في التّدقيق وراء مدارك الفطناء من أئمة الكلام كما يعرف ذلك من رأى كلامهم, وردّوا على المتكلّمين ودقّقوا مع المدقّقين, وإنّما أوّل القرطبي النّهي عن الجدال؛ لأنّ الموجب لتأويله نصّ القرآن في قوله تعالى: ((وجادلهم بالتي هي أحسن)) [النحل/١٢٥] وقوله تعالى في الحكاية عن قوم نوح - عليه السلام -: ((يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا)) [هود/٣٢] ونحو ذلك. وإنّما يكون المكروه منه نوعان:


(١) في (س): ((ثم مهما)) , وكذا في ((المفهم)).
(٢) ما بينهما ساقط من (س).
(٣) لعلّه ابن دقيق العبد ت (٧٠٢).