للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لبثه في جهة أخرى, ولهذا سمّوا لبثه في أوّل وجوده إذا انتقل أو عدم في الوقت الثّاني كوناً مطلقاً, ويعنون بذلك: أنّه ليس بحركة لأنّه لم يكن لبث قبل ذلك في جهة أخرى وهذا شرط سميته حركة, وليس بسكون لأنه لبث أقلّ من وقتين, فإذن (١) أفعال العباد كلّها راجعة إلى شيء واحد, وهو اللبث في جهة.

قال الرّازيّ في تلخيص ذلك: إنّ الحركة هي الكون في الجهة الثّانية في الوقت الأوّل, والسّكون هو الكون في الوقت الثّاني في الجهة الأولى, فبهذا تعرف أنّ الأفعال لا تحسّن ولا تقبّح لذواتها, لأنّه يلزم أن تكون (٢) حسنة قبيحة معاً, ويلزم أن يقبح غير الأجسام والألوان من أفعال الله تعالى, ويرد على المتكلّمين في قولهم: إنّ المرجع بالحركة إلى اللبث إشكالات صعبة قد أشار الرّازيّ في كتبه إلى بعضها, والذي ألجأهم إلى ذلك: القول بأن الحركة والسكون ثبوتيان, وأنّ واحدهما ليس بعدميّ, كما يعرفه من نظر في كتبهم.

فإذا عرفت هذا عرفت أنّ ما ذكره [القاضي] (٣) أبو بكر الباقلاني لازم للمعتزلة ولجميع المتكلّمين, وذلك لأنّ لبث المتحيّز في جهة ما ضروري لا يمكن العبد أن يختار غيره, فثبت أنّه فعل الله تعالى. وقد ثبت عندهم أنّ أفعال العباد كلّها راجعة إلى لبث المتحيّز في جهة, فثبت أنّ ذوات أفعال العباد فعل الله تعالى, وإنّما يقع اختيارهم على


(١) في (س): ((فإذا)).
(٢) في (س): ((تكون كلها)).
(٣) زيادة من (ي) و (س).