للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ((إنّ الله خلق الخلق حتّى إذا فرغ منهم قامت الرّحم فقال: مه؟ قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة)) الحديث, وهو دليل على أنّ الله تعالى قد خلق الخلق فيما مضى مرّة (١) أوّله, وهذا غير ممتنع في مقدور الله تعالى, وهو على كلّ شيء قدير.

وأمّا قوله تعالى في الآية: ((قالوا بلى)) [الأعراف/١٧٢] فلا يدلّ على إسلام جميع ذلك الخلق الأوّل لوجوه:

أحدها: ما ذكره ابن عبد البرّ (٢) وغيره في تفسير قوله تعالى: ((وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً)) [آل عمران/٨٣] , فإنّهم فسّروا إسلام أهل الأرض كلّهم بذلك وقالوا: إنّ أهل السّعادة قالوا ذلك عن معرفة له طوعاً, وأهل الشّقاوة قالوا ذلك كرهاً, وهذا وجه وجيه (٣).

الوجه الثاني: أنّه يجوز أنّهم قالوا ذلك ثمّ عصوا بعد قوله.

الوجه الثالث: أنّه يجوز أن يكون القائل بذلك بعضهم, وتكون الآية من العامّ الذي أريد به الخاصّ, وتخصيص العموم بالسّنة جائز إجماعاً.

وأمّا قوله تعالى: ((من بني آدم)) [الأعراف/١٧٢] فيحتمل أنّه أخرج من صلب آدم أولاده لصلبه, ثمّ أخرج من صلب كلّ واحد منهم أولاده, على أن دلالة الأحاديث على المقصود لا


(١) في (س): ((من))!.
(٢) انظر ((التمهيد)): (١٨/ ٨٥ - فما بعدها).
(٣) في نسخة ((جيد)) كذا في هامش (أ) , وفي (س).