للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القيامة؛ إمّا في غير هذه الدّار, أو فيها, ولا نعلم أنّهم هم, ثمّ يكمل عقولهم ويكلّفهم, ولا يكون موتهم الأوّل مضطرّاً لهم إلى الطّاعة, إمّا (١) لعدم تمام عقولهم, أو لأنّهم لم يروا فيه شيئاً من أمور الآخرة, وإنّما كان مثل النّوم.

ومنها: أنّه يجوز أن يدخلوا النّار ولا يتألمون بها كما يكون فيها الحيّات, وكما يكون فيها الخزنة من الملائكة -عليهم السّلام-, وكلّ هذه الوجوه محتملة على مذهب المعتزلة.

فإن قيل: إنّ المعتزلة لا يجيزون الخروج من النّار, والوجه الأوّل منها مبني على ذلك.

قلت: إنّما يمنعون خروج من دخل النّار معاقباً, أمّا من ليس بمعاقب كالحيّات, وخزنة النّار؛ فلا يمنعون ذلك, وإنّما قصدت بذكر هذه الوجوه إطلاع المعتزلي على أنّ وجوه حكمة الله تعالى أوسع من أن يقطع المتكلّم على عدم ما لم يعلم منها, فإنّ هذه المسألة أقبح ما ينسبه المعتزلي إلى الأشعري, والمحدّث, ويعتقد أنّه لا يمكن أن يكون لها تأويل على قواعد المعتزلة, وقد بان بهذا أنّه لا يلزم من تجويز هذه المسألة تجويز الظّلم على الله جلّ جلاله, وعظم شأنه, ولا يلزم من قال بها إنكار المعلوم بالضّرورة.

فهذا الكلام انسحب من ذكر فرقة أهل الجمود من أهل الحديث, وأمّا فرقة (٢) أهل الكلام من الأشعرية فإنّهم يثبتون الكلام


(١) في (س): ((أبداً)).
(٢) في نسخة: ((الفرقة الثانية)) كذا في هامش (أ) و (ي).