للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليها في الفرق بين المتشابه والمحكم وهذا بعيد, وهو أيضاً تأويل بغير دليل قاطع, فلا مانع من ورود السّمع بالنّهي عن تأويل المتشابه, سواء كان الرّاسخون متمكنين (١) من معرفته أو لا.

وأمّا قولهم: إنّه يلزم من ذلك نسبة العبث إلى الله تعالى؛ فغلط واضح, فإنّ العبث ما لاحكمة فيه, وليس الحكمة مقصورة على معرفة التّأويل, فإنّ الإيمان بالتّنزيل, والتّعظيم له والتّجليل, حكمة بالغة, وكذلك الإيمان بمراد الله تعالى على سبيل الجملة فيه تكليف. مع أنّه يقال لهم: إمّا أن توجبوا على جميع المكلّفين بذلك فهذا باطل بالقرآن والاتفاق, أمّا القرآن فالآية المقدّمة, وأمّا الإجماع فهو منعقد /على سقوط ذلك عن العامّي والعجميّ, بل على تحريمه عليهما, وإذا كان علم البعض بالتأويل يكفي فلعلّ علم الملائكة والأنبياء بذلك كافّ, فمن أين يلزم ما زعم بعض المعتزلة من استلزم ذلك للعبث في حقّه جلّ وعلا, وقد حكى القاضي عياض في كتابه ((المعلم بفوائد شرح مسلم)) (٢): أنّ قوله تعالى في هذه الآية: ((والرّاسخون في العلم)) من المتشابه المحتمل؛ وهذا أيضاً بعيد لما قدّمنا ذكره ولنقل الفرّاء للوقف على اسم الله تعالى, ولأنّ قوله تعالى في الثّناء عليهم: ((يقولون آمنا به كلّ من عند ربّنا)) , مناسب لإيمانهم بمراد الله تعالى على سبيل


(١) في (س): ((يتمكنون)).
(٢) كتاب القاضي اسمه: ((إكمال المعلم بفوائد مسلم)) , أمّا كتاب: ((المعلم بفوائد)) فهو لأبي عبد الله المازري (٥٣٦) , طبع من الأوّل أجزاء, وطبع الثاني كاملاً, ولم ينقل هذا النّووي في ((شرح مسلم)): (١٦/ ٢١٧) عند شرحه لهذه الآية.