للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنه ما رواة التّرمذي (١) من حديث عبد الرّحمن بت عائش - رضي الله عنه - عن النّبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أتاني ربّي في هذه اللّيلة فقال لي: أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى)) , فقد جاء في الحديث ما يدلّ على أن هذا كان في المنام, فهذا كلّه متعلّق بالمنام.

وأمّا ما ورد من ذلك عن النّبي صريحاً في اليقظة, وهو على سبيل التّخيّل؛ فلا أعلم أهل الحديث ذكروا من ذلك شيئاً, إلا ما ذكره ابن قتيبة في حديث موسى - عليه السلام - وأنّه فقأ عين ملك الموت - عليه السلام - كما سيأتي تحقيقه. قال ابن قتيبة (٢): ((أذهب موسى العين التي هي تخييل وتمثيل وليست حقيقة خلقته, (٢وعاد ملك الموت إلى حقيقة خلقته (٣) الرّوحانية كما كان لم ينقص منه شيء)) فهذا أكثر ما وجدت لأهل الحديث من التّأويل بهذا الوجه, مع أنّه لم يجعله من صريح هذا الوجه ولو جعله منه لقال: إن موسى في الحقيقة ما فقأ عيناً قط, وإنّما خيل إليه ذلك, فإن كان قصد هذا فقصرت عبارته عن مراده.

وقد جاء في الأحاديث ما هو صريح في جواز وقوع هذا الوجه, ولكنّه ورد على جهة التّصريح من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا على جهة التّأويل


(١) ((الجامع)): (٥/ ٣٤٣) , وقال عقبه: ((هذا حديث حسن صحيح. سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث, فقال: هذا حديث حسن صحيح .... )) اهـ.
(٢) ((تأويل مختلف الحديث)): (ص/١٨٧).
(٣) ما بينهما ساقط من (س).