للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلا القطع بأنّ المقدر واقع لا محالة, وإن كان ممكناً في ذاته لم يخرج تركه عن القدرة, ومن ذلك أنّ المنافقين لما قالوا لإخوانهم: ((لو أطاعونا ما قتلوا)) [آل عمران/١٦٨] ردّ الله ذلك عليهم (١) , واحتجّ بالقدر فقال تعالى: ((قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم)) [آل عمران/١٥٤] , وأصرح من هذه الآية في المقصود قوله تعالى: ((قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين)) [آل عمران/١٦٨] فسوّى بين القتل الذي هو من فعل المخلوقين, وبين الموت الذي هو من فعله تعالى في أنّه لا يغني الاحتراز من (٤القتل كما لا يغني الاحتراز من (٢) الموت, ومن ذلك قوله تعالى: ((إلا امرأته قدّرناها من الغابرين)) [النّمل/٥٧] فقوله: ((قدّرناها)) تعليل لهلاكها لا خبر مستقبل (٣) , لأنّه لا يحسن أن يقال: إلا امرأته جعلناها من الغابرين (٤) , لما لم يكن بينهما ملازمة تصلح للتعليل, ومن ذلك قوله تعالى: ((وكلّ إنسان ألزمناه طائره في عنقه)) [الإسراء/١٣] قال في ((الكشّاف)) (٥): ((أي عمله)) ومنه قوله تعالى: ((وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدنّ في الأرض مرتين)) [الإسراء/٤] قال في ((الكشّاف)) (٦)


(١) لم ترد الآيات بهذا الترتيب؛ إلا أنّ الحجة قائمة بما ذكر المؤلّف.
(٢) ما بينهما ساقط من (س).
(٣) في (ي) و (س): ((مستقل)) وأشار في هامش (ي) إلى أنه في نسخة ((مستقبل)).
(٤) في (س): ((العالمين))!.
(٥) (٢/ ٣٥٤).
(٦) (٢/ ٣٥١).