لما لا حقيقة له, ولو قدح بمثل ذلك في هذا الإجماع أمكن/ القدح بمثله في كلّ إجماع, بل في كلّ رواية طريقها النقل في الأخبار واللّغات ونحوها, فيقال في الخبر المرفوع: لعلّ السّامع له وهم أنّه من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , وإنّما حكاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن غيره, أو لعلّه توهّمه مرفوعاً وهو موقوف, أو مسنداً وهو مقطوع, أو نحو ذلك.
الوجه الثّاني: أنّ مدّعي الإجماع ادّعى العلم, ومن ردّ ذلك لم ينقل خلافاً في ذلك وإنّما استبعد أن يعلم ذلك غيره مع أنّه لا يعلمه, ومن علم حجّة على من جهل, وقد يختلف النّاس في معرفة أخبار السّلف وأحوالهم, ويحصل لبعض العلماء بشدّة البحث للأخبار والتّواريخ علم بأمور كثيرة لا يشاركه فيها غيره, وفي قبول مدّعي الإجماع حمل الجميع على السّلامة أمّا المدّعي فلظنّ صدقه وتورّعه عن رواية ما لا يعرف, وأمّا المنكر فلظنّ عدم معرفته لما عرف مدّعي الإجماع, وحمله على عدم العناد, وعلى أنّه لو عرف لوافق.
الوجه الثّالث: أنّ اختلافهم في العلّة لا يقدح في صحّة التّمسّك بالإجماع, كما لو أجمعوا على قتل رجل اختلفوا في العلّة, فقيل: بالقصاص, وقيل: بالرّدة, وقيل: بغير ذلك, فإن قتله يجوز قطعاً, وكذلك قبول رواية فاسق التأويل إذا أجمعوا عليه واختلفوا في علّته, فمنهم من قبله لأن فسق التأويل لا يوجب ردّ الرّواية, ومنهم من قبله؛ لأنّ مذهبه أنّه ليس بفسق عنده, فإنّ حديث ذلك الرّجل يكون مقبولاً بالإجماع, وأمّا فسقه فمأخوذ من دليل آخر.
ويتعلّق بهذا بحث دقيق يتعلّق بالحديث المتلقّى بالقبول؛ هل