للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعصية مقدور لهم أو لا, إن قال: إنّه غير مقدور لهم, وجاز وقوعه منهم؛ فلا وجه لقطعه بأنّهم لا يفعلون أحد الجائزين. وهلا ذكر قوله في رسالته: إنّه لا يجوز للإنسان أن يخبر بخبر يجوّز أنّه كذب؟ فكيف أخبر عن جميع المرجئة بارتكاب الكذب وغيره من المعاصي!؟ وليس يجوز [مثل] (١) هذا في حقّ الفسّاق المصرّحين إلا فيما شوهد من معاصيهم, فليس لك أن تقول في قاطع الصّلاة: إنّه يشرب الخمر, ولا في الزّاني: إنّه مُربِ, ولا في المربي: إنّه يقتل النّفس التي حرّم الله, وأمثال ذلك, فكيف قلت فيمن أرجأ ولم يعرف منه إلا معصية الإرجاء: إنّه يفعل غيرها من المعاصي؟ وهلا قلت: إنّ قوله هذا يضعف الظنّ بقيامه بالواجبات واجتنابه للمحرّمات حتّى تجاب بما يجاب به من أورد الشّبهات, وتميّز نفسك عن منكري الضّرورات؟

والعجب من المعترض أنّه نزّه البراهمة عن الكذب مع إنكارهم للنبوّات, وجحدهم لجميع الشّرائع الإسلامية, وقد تقدّم تقرير هذا في آخر الجواب عما أورده في حقّ الجبرية, فهذا الوجه الأول من وجوه الجواب عن المرجئة يصلح (٢) جواباً على ما أورده في حقّ الجبرية فإنّه قال فيهم الجميع: إنّهم لا يرتدعون عن الكذب وسائر المعاصي.

الوجه الثّاني: اعلم أنّ الحامل على المحافظة على الخيرات


(١) زيادة من (ي) و (س).
(٢) في (س): ((يصح)).