قالَ: أكرَهُ أنْ أَشقَّ عليكَ، إنَّكَ شيخٌ كبيرٌ ضعيفٌ، قالَ: ليسَ يَشقُّ عليَّ، قالَ: فقمْ فانقلْ هذه الحجارةَ، وكانَ لا ينقلُها دونَ ستةِ نفرٍ في يومٍ، فخرجَ الرجلُ ليقضيَ حاجتَهُ، ثم انصرفَ وقد نقلَ الحجارةَ في ساعةٍ، فقالَ: أحسنتَ وأجملتَ وأطقتَ ما لم أركَ تُطيقُه.
قالَ: ثم عرضَ للرجلِ سفرٌ فقالَ: إنِّي أحسبُكَ أميناً فاخلفْني في أَهلي خلافةً حسنةً، قالَ: فأَوصِني بعملٍ، قالَ: إنِّي أكرهُ أنْ أشقَّ عليكَ، قالَ: ليسَ يَشقُّ عليَّ، قالَ: فاضربْ مِن اللبنِ لِبيتي حتى أقدمَ عليكَ، قالَ: فمَضى الرجلُ لسفرِهِ، فرجعَ الرجلُ وقدْ شيدَ بناءَهُ فقالَ: أسألُكَ بوجهِ اللهِ ما سبيلُكَ وما أمرُكَ؟ قالَ: سألتَني بوجهِ اللهِ، والسؤالُ بوجِهِ اللهِ أوقَعني في العبوديةِ، فقالَ الخضرُ: وسأخبرُكَ مَن أَنا، أَنا الخضرُ الذي سمعتَ بِه، سألَني مسكينٌ صدقةً فلم يكنْ عِندي شيءٌ أُعطيهِ، فسألَني بوجهِ اللهِ قالَ: فأمكنتُهُ مِن رقبَتي فباعَني، وأخبرُكَ أنَّه مَن سُئَل بوجهِ اللهِ فردَّ سائِلَه وهو يقدِرُ وقفَ يومَ القيامةِ جلدةً لا لحمَ له ولا عظمَ يتقعقعُ، فقالَ الرجلُ: آمنتُ باللهِ، شققتُ عليكَ يا نبيَّ اللهِ ولم أعلمْ، فقالَ: لا بأسَ، أحسنتَ وأبليتَ، فقالَ الرجلُ: بأَبي أنتَ وأُمي يا نبيَّ اللهِ، احكمْ في أَهلي ومَالي بما أراكَ اللهُ أو أُخيركَ فأُخلي سبيلَكَ، فقالَ: أَحبُّ إليَّ أنْ تُخليَ سَبيلي فأعبدَ ربِّي، فخلَّى سبيلَهُ، فقالَ الخضرُ: الحمدُ للهِ الذي أوقعَني في العبوديةِ ثم نجَّاني مِنها».
مسند الشاميين (٨٣٢) حدثنا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الحمصي: حدثنا محمد بن الفضل بن عمران الكندي، وفنون العجائب (٩١) أخبرنا أبوالحسن المحمود بن محمد بن محمود بن عبدالله الفقيه: حدثنا أبوبكر محمد بن عمير بن هشام الرازي بمرو: حدثنا أحمد بن العلاء بن هلال القاضي: حدثنا سليمان بن عبيدالله (ح) وأخبرنا أبوالحسن أحمد بن الحسن بن أيوب النقاش: