ما تَرى يَصنعُ بها؟ وحملتُ امرأَتي وجاءَتْني عمَّتي فقالتْ: يا عديُّ، أمَا تَتقي اللهَ أَن تنجوَ بامرأتِكَ وتدعُ عمتَكَ، فقلتُ: ما عَسى أَن يَصنعوا بها، امرأةٌ قد خلي مِن سنِّها.
فمَضيتُ ولم أَلتفتْ إِليها حتى وردتُ الشامَ، فانتهيتُ إلى قيصرَ وهو يَومئذٍ بحمصَ، فقلتُ: إني رجلٌ مِن العربِ وأَنا على دِينِكَ، وإنَّ هذا الرجلَ ليَتناوَلُنا، فكانَ المفرُّ إليكَ، قالَ: اذهبْ فانزلْ مكانَ كَذا وكَذا حتى نَرى مِن رأيِكَ، فذهبتُ فنزلتُ المكانَ الذي قالَ لي، فكنتُ به حيناً، فبَينا أَنا ذاتَ يومٍ إِذا أَنا بظَعينةٍ متوجهةٍ إِلينا حتى انتهتْ إلى بيوتِنا، فإذا هي عمَّتي، فقالتْ لي: يا عديُّ، أمَا اتقيتَ اللهَ أَن نجوتَ بامرأتِكَ وتَركتَ عمَّتَكَ، قلتُ: قد كانَ ذلكَ، فأَخبرينا ما كانَ بعدَنا؟
قالتْ: إنَّكم لمَّا انطلقتُم أَتتنا الخيلُ فسَبونا وذهبَ بي في السبيِ حتى انتهيتُ إلى المدينةِ، وكُنا في ناحيةٍ مِن المسجدِ فمرَّ علينا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عندَ القائلةِ وخلفَه رجلٌ يتبعُهُ، وهو عليُّ بنُ أبي طالبٍ، فأَومأَ إليَّ ذلكَ الرجلُ أَن كلِّميهِ، فهتفتُ به فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، هلكَ الولدُ وغابَ الوافدُ، فمُنَّ عليَّ مَنَّ اللهُ عليكَ، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«ومَن وافِدُكِ؟» قلتُ: عديُّ بنُ حاتمٍ، قالَ:«الذي فرَّ مِن اللهِ ورسولِهِ؟» ثم مَضى ولم يلتفتْ إليَّ حتى كانَ الغدُ، فمرَّ بي نحوَ تلكَ الساعةِ وخلفَه ذلكَ الرجلُ فأَومأَ إليَّ أَن كلِّميهِ.