السمواتِ وما أظلَّتْ، والأَرضينَ السبعِ وما أقلَّتْ، والجبالِ وما علَتْ، والبحارِ وما جرتْ، والملائكةِ وما هَدَتْ، والشياطينِ وما أضلَّتْ، أسألُكَ ربِّ أن تُصلِّيَ على محمدٍ وأهلِهِ، وأَن تعرفَني بركةَ هذه المدينةِ وبركةَ ما يُقضى فيها، وأَن تُعيذَني مِن شرِّها ومِن شرِّ ما يُقضى فيها، قالَ: فلمَّا وصلَ إلى دارِ المنصورِ دخلتُ أَخبرتُه بقدومِه، فأقامَ سيَّافَهُ وقالَ: إذا أَومأتُ إليكَ بشيءٍ فامتثِلْه،
قالَ الربيعُ: فلمَّا رأيتُ ذلكَ قلتُ له: يا سيِّدي يا ابنَ رسولِ اللهِ، إنَّه قد عزمَ لكَ على ما لا يسرُّكَ فاستعِدَّ، وإنْ كنتَ صانعاً شيئاً فاصنعْ، فقالَ لي: إليكَ عنِّي، ما هو إلا أن تقعَ عينُه عليَّ حتى يَحولَ اللهُ بَيني وبينَه وبينَ ما في نفسِهِ مِن ذلكَ، ويُبدلني مِنه خلقاً جميلاً، ثم شلت السترَ بينَ يديهِ فتكلَّمَ بكلامٍ لم أَفهمه ودخلَ، فرأيتُ المنصورَ كنارٍ صُبَّ عليها ماءٌ، ثم استقبَلَه أسفلَ السريرِ وقبَّلَ بينَ عَينيهِ وأجلَسَه إلى جنبِهِ، ثم قالَ له: يا ابنَ أبي، عنفتُكَ وأَتعبتُكَ في سفرِكَ، قالَ: ذاكَ سهلٌ عندَ نَظَري إليكَ يا أميرَ المؤمنينَ، قالَ: إنَّما كتبتُ إليكَ أَشكو إليكَ أهلَكَ في دِيني ودُنياي، كانَ هذا الأمرُ في بَني أُميةَ فكانوا لهم أسمعَ ومَعهم أَطوعَ، قالَ له جعفرٌ: فأينَ أنتَ عن سلَفِكَ الصالحِ يا أميرَ المؤمنينَ؟ إنَّ يعقوبَ ابتُليَ فشكَرَ، وإنَّ أيوبَ ابتُليَ فصبَرَ، وإنَّ يوسفَ قَدرَ فغفَرَ.
فقالَ المنصورُ: شكرتُ وصبرتُ وغفرتُ، حدِّثني بحديثٍ كنتُ سمعتُه مِنكَ بالمدينةِ في صلةِ الرحمِ، قالَ: نَعم، حدَّثني أبي، عن جدِّي، عن أبيه، عن عليٍّ عليهم السلامُ قالَ: قالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «ليلةَ أُسريَ بي إلى السماءِ رأيتُ الرحمَ مُعلقةً بالعرشِ تقولُ: يا ربِّ، أَشكو إليكَ مَن قَطعَني، قلتُ: يا جبريلُ، كم بينَها وبينَ من قَطعَها؟ قالَ: سبعةُ آباءٍ».
قالَ: ليسَ هذا هو، فقالَ: نَعم، حدَّثني أبي، عن جدِّي، عن أبيه، عن جدِّي عليِّ بنِ أبي طالبٍ عليهم السلامُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ البِرَّ وصِلةَ الأرحامِ