نشفَ المُدهنُ ويبسَ الجِعثنُ، وسقطَ الأُملوجُ مِن البكارةِ وماتَ العُسلوجُ، وهلكَ الهديُّ وماتَ الوَديُّ، برِئْنا يا رسولَ اللهِ مِن الوثنِ والعَننِ وما يحدثُ الزمن، لنا دعوةُ الإسلامِ وشريعةُ الإسلامِ ما طما البحرُ وقامَ تِعارٌ، ولنا نَعَمٌ همل أغفالٌ لا تبضُّ ببِلالٍ، ووقيرٌ قليلُ الرِّسْلِ كثيرُ الرَّسَلِ، أصابتْنا سنةٌ حمراءُ مُؤزِلةٌ ليسَ به عَلَل ولا نَهَل.
فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«باركَ اللهُ لكَ في مَحضِها ومَخضِها ومذقِها وقوتِها، واحبسْ راعيَها على الدثرِ ويانعِ الثمرِ، وافجرْ لهم الثمدَ، وباركْ له في الولدِ، مَن أقامَ الصلاةَ كانَ مُؤمناً، ومَن آتى الزكاةَ لم يكنْ غافلاً، مَن شهدَ أَن لا إلهَ إلا اللهُ كانَ مُسلماً، لكمْ يا بَني نهدٍ ودائعُ الشركِ ووضائعِ الملكِ، لم يكنْ عهدٌ ولا موعدٌ ولا تثاقلٌ عن الصلاةِ، ولا نُلططُ في الزكاةِ ولا نُلحدُ في الحياةِ، مَن أقرَّ بالإسلامِ فلَه ما في هذا الكتابِ، ومَن أقرَّ بالجزيةِ فعليهِ الرجوةُ ولَه مِن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الوفاءُ بالعهدِ والذمةِ».
وكتبَ رسولُ اللهِ مع طهيةَ بنِ أبي زهيرٍ:«بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، مِن محمدٍ رسولِ اللهِ إلى بَني نهدِ بنِ زيدٍ، السلامُ على مَن اتبعَ الهُدى وآمنَ باللهِ ورسولِهِ، عليكُم في الوظيفةِ والفريضةِ، ولكم العارضُ والفريضُ وذو العنانِ الركوبُ الضبيسُ، لا يُوكلُ كَلَّكم، ولا يقطعُ سرحُكم، ولا يحبسُ دركُم، ولا يعضدُ طلحُكم، ما لم تضمر الرِّماق وتأكُلوا الرباقَ».
قالَ أبوسعيدٍ: فسَّرَ هذا الحديثَ بعضَه العُذريُ وبعضَه غيرُهُ: على أكوارِ الميسِ: يَعني الرحالِ، ترتَمي بِنا العيسُ: الإبلُ، نستحلبُ الصَّبيرَ: يَعني السحابَ المُتفرقَ، ونَستحيلُ الرهامَ: يَعني القداحَ، ونستخيلُ الجَهامَ: يَعني السحابَ الذي قدْ أمطرَ ببلدٍ آخرَ فهو سائرٌ في السماءِ، مِن أرضٍ غائلةِ النطا: مسافةُ الأرضِ بُعدُها، قد نشفَ المُدهنُ: يَعني يبسَ الغديرُ مِن الماءِ، ويبسَ الجُعثنُ: