وأربعةُ مِن العربِ: هودٌ وصالحٌ وشعيبٌ ونبيُّكم صلى الله عليهم، فأولُ الأنبياءِ آدمُ، وآخرُهم محمدٌ، وأولُ نبيِّ مِن بَني إسرائيلَ مُوسى، وآخرُهم عيسى، وبينَهما ألفُ نبيٍّ».
قلتُ: يا نبيَّ اللهِ، كم أنزلَ اللهُ مِن كتابٍ؟ قالَ: «مئةَ كتابٍ وأربعةَ كتبٍ، أنزلَ اللهُ على شيث خمسينَ صحيفةً سُريانيةً، وعلى إدريسَ ثلاثينَ صحيفةً، وعلى إبراهيمَ عشرينَ، وأنزلَ التوراةَ والإنجيلَ والزَّبورَ والفُرقانَ»، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، فما كانت صُحفُ إبراهيمَ؟ قالَ: «كانتْ أمثالاً كلُّها: أيُّها الملِكُ المُبتَلى المغرورُ، إنِّي لم أبعثْكَ إلى الدُّنيا لتجمَعَ الدُّنيا بعضَها إلى بعضٍ، ولكنِّي بعثتُكَ لِتَردَّ عنِّي دعوةَ المَظلومِ فإنِّي لا أردُّها وإنْ كانتْ مِن كافرٍ، وعلى العاقلِ ما لم يكنْ مغلوباً أنْ يكونَ له ثلاثُ ساعاتٍ: ساعةٌ يُناجي فيها ربَّه، وساعةٌ يحاسِبُ فيها نفسَهُ ويَتفكرُ فيما صنعَ اللهُ فيها إليه، وساعةٌ يَخلو فيها لحاجتِهِ مِن الحلالِ، فإنَّ في هذِهِ الساعةِ عَوناً على تلكِ الساعاتِ واستِجمامَ القلوبِ وتقريعاً لَها، وعلى العاقلِ أن يكونَ بصيراً بزمانِهِ، مُقبلاً على شأنِهِ، حافظاً للسانِهِ، فإنَّ مَن حسبَ كلامَهُ مِن عملِهِ أقلَّ مِن الكلامِ فيما لا يَعنيهِ، وعلى العاقلِ أنْ يكونَ طالعاً طالباً لثلاثٍ: مؤنةً لمعاشٍ وتزوُّداً لمعادٍ وتلذُّذاً في غيرِ مُحرمٍ».
قلتُ: يا رسولَ اللهِ، فما كانت صُحفُ مُوسى؟ قالَ: «كانت عِبراً كلُّها: عجبتُ لِمن أيقنَ بالموتِ كيفَ يفرحُ، ولِمن أيقنَ بالنارِ كيفَ يضحكُ، ولِمن يَرى الدُّنيا وتقلُّبَها بأهلِها ثم يطمئنُّ إليها، ولِمن أيقنَ بالقَدَرِ ثم يَنصَبُ، ولِمن أيقنَ بالحسابِ ثم لا يعملُ»، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، هل في الدُّنيا مِما أنزلَ اللهُ عليكَ مِما كانَ في صُحفِ إبراهيمَ ومُوسى عليهِما السلامُ؟ قالَ: «نعمْ يا أبا ذرٍّ، اقرأ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: ١٤، ١٥] إلى آخرِ السورةِ».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute