صلى الله عليه وسلم، فبينَما أَنا عندَها ليلةً مِن الليالي تَحسبُ أنِّي نائمةٌ إذْ جاءَ زوجُها مِن السَّامرِ فقالَ: وأبيكِ لقدْ أَصبتُ لِقيلةَ صاحباً صاحبَ صدقٍ، فقالَ: حُريث بنُ حسان الشَّيبانيُّ غادياً ذا صباحٍ وافد بكرِ بنِ وائلٍ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالتْ أُختي: الويلُ لي، لا تُسمعْ بِهذا الحديثِ أُختي فتَتبعَ أخا بكرِ بنِ وائلٍ بينَ سمعِ الأرضِ وبَصرِها ليسَ مَعها مِن قومِها رجلٌ، فقالَ: لا تَذكريهِ لَها فإنِّي غيرُ ذاكِرِه لَها، وقدْ سمعتُ ما قَالا فقُمتُ إلى جَملي فشَددتُ عليه وسألتُ عَنه، فإذا هو غير بعيدٍ، وإذا رِكابُهُ مُناخةٌ عندَه فسألتُهُ الصُّحبةَ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: نَعمْ وكرامة.
وانطلقتُ مَعه صاحبَ صدقٍ حتى قدِمْنا على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو يُصلِّي بأصحابِهِ صلاةَ الفجرِ قدْ أُقيمت حينَ شقَّ الفجرُ والنجومُ شابكةٌ في السماءِ، والرجالُ لا تكادُ تَعارفُ مع ظُلمةِ الليلِ، فصَففتُ مع الرجالِ [وكنتُ] امرأةً حديثةَ عهدِ بجاهليةٍ، فقالَ لي الرجلُ الذي إلى جَنبي: امرأةٌ أنتِ أَم رجلٌ؟ فقلتُ: امرأةٌ، فقالَ: تأخَّري في النساءِ وراءَك، فقدْ كِدت تَفتِنيني، قالتْ: فنظرتُ فإذا صفٌّ مِن نساءٍ قدْ حدثَ عندَ الحُجراتِ لم يكنْ بِعَهدي إذ دخلتُ، فكنتُ معهُن، فكنتُ إذا رأيتُ رجلاً ذا رُواءٍ وقِشْرٍ طَمحَ إليه بَصري لأَرى رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فوقَ الناسِ.
فلمَّا ارتفعَت الشمسُ جاءَ رجلٌ فقالَ: السلامُ عليكَ يا رسولَ اللهِ، فقالَ: رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «وعليكَ السلامُ ورحمةُ اللهِ»، وإذا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جالسٌ القُرفصاءَ عليه أَسْمالٌ مُلببتينِ كانتا مِن زعفرانٍ قد نَفَضَتا، مَعه عسيبُ نخلةٍ مَقشورٍ غيرَ خُويصتينِ مِن أعلاهُ، قالتْ: فلمَّا رأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُتخشِّعاً في الجلسةِ أُرعِدتُ مِن الفَرَقِ، فقالَ لَه جليسُهُ: يا رسولَ اللهِ، أُرعدَت المسكينةُ، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بيدِهِ وأَنا عندَ ظهرِهِ:«يا مسكينةُ عليكِ السَّكينةُ».