قالتْ: فلمَّا قالَها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَذهَبَ اللهُ ما كانَ في قَلبي مِن الرُّعبِ، وتكلَّمَ صاحِبي أولَ رجلٍ فبايَعَهُ على الإسلامِ عليهِ وعلى قومِهِ، ثم قالَ: اكتُبْ لَنا بالدَّهناءِ يا رسولَ اللهِ بينَنَا وبينَ بَني تميمٍ لا يجاوزُها مِنهم إلينا إلا مسافرٌ أو مُجاورٌ، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«اكتُبْ لَه بالدَّهناءِ يا غلامُ»، قالتْ: فشُخِصَ فيَّ وهي وَطَني ودارِي، ثم قلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّه واللهِ ما سألَكَ السَّويَّةَ في الأرضِ إذْ سأَلَ، هذِهِ الدَّهناءُ وراءَك مُقَيَّدَ الجملِ ومَرعى الغنمِ، ونساءُ بَني تميمٍ وأبناؤُها وراءَ ذلكَ، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«صدقَت المِسكينةُ، أَمسِكْ يا غلامُ، المسلمُ أخو المسلمِ، يَسَعُهما الماءُ والشجرُ، ويتعاونان على الفُتَّانِ» - قالَ عبدُاللهِ بنُ حسانٍ: يَعني الكفارَ -.
قالتْ: فلمَّا رأَى حريثٌ أنْ قدْ حِيلَ دونَ كتابِهِ ضربَ إِحدى يديهِ على الأُخرى ثم قالَ: إنْ كنتُ أَنا وأنتِ كمَا قالَ: حتفَها تَحمِلُ ضأنٌ بأَظلافِها، قالتْ: أمَا واللهِ إنْ كنتَ لَدليلاً في الظَّلماءِ، جواداً بذي الرَّحلِ، عفيفاَ عن الرَّفيقةِ حتى قدمتَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ولكنْ لا تَلُمني على حظِّي إذْ سأَلْتَ حظَّكَ، قالْ: وما حظُّكِ في الدَّهناءِ لا أَبا لَكِ؟ قالتْ: مُقَيَّدُ جَملي أردتَّهُ لِجَملِ امرأتِكَ، قالَ: أمَا واللهِ لا أَزالُ لكِ أخاً ما حَييتُ إِذ أَثنيتِ عليَّ هذا عندَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: أما إِذ بدأْتَها فلنْ أُضيِّعَها، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«أَيُلامُ ابنُ ذِه أن يَفصلَ الخُطةَ وينتصرَ مِن وراءِ الحجزةِ».
قالتْ: فبكيتُ ثم قلتُ: يارسولَ اللهِ، واللهِ لقدْ كنتُ ولدتُهُ حِزاماً فقاتَلَ معكَ يومَ الرَّبَذةِ، ثم أتى خَيبر يَمتَري مِنها فأصابَتْهُ حُمَّاها وتركَ عليَّ النساءَ، قالَ: فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسُ محمدٍ بيدِهِ، لو لم تَكوني مِسكينةً لَجَررناكِ على وجهِكِ أو لَجُررتُ على وجهِكِ - شكَّ عبدُاللهِ بنُ حسان أي هذانِ الحَرفينِ