انظرْ إلى دَاري الأُخرى، فأخرجَ جهنمَ فزفَرتْ، فاستجارَ موسى عليه السلامُ مِنها بربِّه، وقالَ: يا موسى، ما ضرَّ عَبدي أياماً معدودةً قَترتُ عليه معيشتَه فصبرَ ورضيَ بما رضيتُ له قدمَ عليَّ وأنا عنه راضٍ فأسكنتُه دَاري، ما ضرَّ ما كانَ فيه بالأمسِ، وبسطتُ لِعبدي هذا الذي أشركَ بي في رِزقي ويَمشي في أَرضي أسكنتُه دَاري هذِه الأُخرى، ما نفعَه ما كانَ فيه بالأمسِ، ثم قالَ: ولِّ وجهَكَ يا موسى، فولَّى وجهَه، قالَ: انظرْ إليهما الآنَ، حُفت الجنةُ بالمكارهِ، وحُفت النارُ بالشهواتِ، قالَ: دخَلُوها وعزتِكَ».
فنون العجائب (٦٠) أخبرنا أبوبكر عمر بن أحمد بن القاسم النهاوندي: حدثنا محمد بن أيوب بن يحيى الرازي: أخبرنا عثمان بن مطيع السلمي الرازي: حدثنا العلاء بن زيد، عن أنس بن مالك .. (١).
٨٥٦ - عن أنسِ بنِ مالكٍ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: «كانَ فيمَن سلفَ مِن الأُممِ رجلٌ يقالُ له: مورقٌ، وكانَ متعبِّداً، فبينَما هو قائمٌ في صلاتِه إذ ذكرَ النساءَ فاشتهاهُن وانتشَرَ حتى قطعَ صلاتَه، فغضبَ فأخذَ قوسَه فقطعَ وَتَرَها وعقدَه بخِصيَتيهِ وشدِّه إلى عَقبيهِ، ثم مدَّ رجليهِ فانتزعَهما، ثم أخذَ طِمْريهِ ونعليهِ حتى أَتى أرضاً لا أنيسَ بها ولا وحشَ، فاتخذَ عريشاً ثم جعلَ يُصلِّي، فجعلَ كلَّما أصبحَ انصدعتْ له الأرضُ فخرجَ له خارجٌ مِنها مَعه طعامٌ في إناءٍ، فأكلَه حتى شبعَ، ثم يدخلُ، فيَخرجُ له خارجٌ بإناءٍ فيه شرابٌ، فيشربُ حتى يَروى، ثم يدخلُ وتلتئمُ الأرضُ، فإذا أَمسى فعلَ مثلَ ذلكَ.
ومرَّ أُناسٌ قريباً مِنه، فأتاهُ رجلانِ مِن القومِ، فمرَّا عليهِ تحتَ الليلِ فسألاهُ عن قصدِهما، فمدَّ لهما بيدِهِ وقالَ: هذا قصدُكما حيثُ تُريدانِ، فسارا غيرَ بعيدٍ، ثم قالَ أحدُهما لصاحبِهِ: ما يُسكنُ هذا الرجلَ ها هُنا أرضاً لا أنيسَ بها ولا
(١) [إسناده فيه كذاب: العلاء بن زيد يعرف بابن زيدل].