تريدُ الهاربَ مِن جهنمَ؟ فقالَ له عمرُ: وما عِلمُكَ أنَّه هربَ مِن جهنمَ؟ قالَ: إنَّه إذا كانَ في نصفِ الليلِ خرجَ علينا مِن هذا الشِّعب واضعاً يدَه على أُمِّ رأسِهِ يَبكي ويُنادي: يا ليتَكَ قَبضت رُوحي في الأرواحِ وجَسَدي في الأجسادِ ولا تُجردْني لفصلِ القضاءِ، قالَ عمرُ: إيَّاه نريدُ.
قالَ: فانطلقَ مَعهما ذُفافةُ، حتى إذا كانَ في بعضِ الليلِ خرجَ عَليهما وهو يُنادي: يا ليتَكَ قَبضتَ رُوحي في الأرواحِ وجَسَدي في الأجسادِ، قالَ: فعَدا عليه عمرُ ليأخُذَه، فلمَّا سمعَ حِسَّه قالَ: الأمانَ الأمانَ، مَتى الخلاصُ مِن النارِ؟ فقالَ له عمرُ: أَنا عمرُ بنُ الخطابِ، فقالَ له ثعلبةُ: يا عمرُ، هل عَلمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بذَنبي؟ قالَ: لا عِلمَ لي، إلا أنَّه ذَكَرَكَ بالأمسِ فبَكى وأرسَلَني إليكَ، قالَ: يا عمرُ، لا تُدخِلْني عليه إلا وهو في المسجدِ، ولا تُدخِلْني عليه إلا وهو يُصلِّي أو بلالٌ يقولُ: قد قامَت الصلاةُ، قالَ: ففعَلَ.
قالَ: فلمَّا أتَى به عمرُ المدينةَ وأَتى به المسجدَ، قالَ: والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يُصلِّي، قالَ: فلمَّا سمعَ قراءةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم خرَّ مَغشياً عليه، قالَ: فدخَلَ عمرُ وسلمانُ الصلاةَ وهو صَريعٌ، فلمَّا سلَّمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم قالَ:«يا عمرُ ويا سلمانُ، ما فعلَ ثعلبةُ بنُ عبدِالرحمنِ؟» قالا: هو ذا هو يا رسولَ اللهِ، قالَ: فأَتاهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فحولَه، فانتبَهَ قالَ:«ما الذي غَيَّبكَ عنِّي؟» قالَ: ذَنبي، قالَ:«أَفلا أُعلمَكَ آيةً يَمحو اللهُ بها الذنوبَ والخَطايا؟» قالَ: بَلى يا رسولَ اللهِ، قالَ:«قُل: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}»، قالَ: إنَّ ذَنبي أعظمُ، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«بل كلامُ اللهِ أعظمُ»، قالَ: وأمَرَه بالانصرافِ إلى منزلِهِ، قالَ: فانصرفَ ومرضَ ثمانيةَ أيامٍ.
قالَ: وأَتى سلمانُ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: إنَّ ثعلبةَ بنَ عبدِالرحمنِ به لَمَمٌ، قالَ: فجاءَ فدخلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، قالَ: فأخَذَ برأسِهِ فوضَعَه في حِجرِه، قالَ فأزالَ رأسَه