للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال في الفضيحة الحادية والعشرين: «ثم إن النظام مع ضلالاته التي حكيناها عنه، طعن في أخبار الصحابة والتَّابِعِينَ من أجل فتاويهم في الاجتهاد، فذكر الجاحظ عنه في كتاب " المعارف " وفي كتابه المعروف بالفتيا أنه عاب أصحاب الحديث وروايتهم أحاديث أبي هريرة، وزعم أن أبا هريرة كان أكذب الناس (١) وطعن في الفاروق عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وزعم أنه شك يوم الحديبية في دينه وشك يوم وفاة النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأنه كان فيمن نفر بالنَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَلاَمُ - ليلة العقبة، وأنه ضرب فاطمة ومنع ميراث الضرة، وأنكر عليه تغريب نصر بن الحجاج من المدينة إلى البصرة، وزعم أنه ابتدع صلاة التراويح، ونهى عن متعة الحج، وحرم نكاح الموالي للعربيات، وعاب عثمان بإيوائه الحكم بن العاص إلى المدينة، واستعماله الوليد بن عقبة على الكوفة، حتى صلى بالناس وهو سكران، وعابه بأن أعان سعيد بن العاص بأربعين ألف درهم على نكاح عقده وزعم أنه استأثر بالحمى، ثم ذكر عليّاً - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وزعم أنه سئل عن بقرة قتلت حماراً فقال: أقول فيها برأيي، ثم قال النظام عن عَلِيٍّ: " ومن هو حتى يقضي برأيه؟ " وعاب ابن مسعود في قوله حديث بروع بنت واشق: " أَقُولُ فِيهَا بِرَأْيِي فَإِنْ كَانَ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَمِنِّي ". وَكَذَّبَهُ في روايته عَنْ النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «السَّعِيدُ مَنْ سَعِدَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَالشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ» وكذَّبَهُ أيضاًً في روايته انشقاق القمر، وفي رؤيته الجن ليلة الجن، ثم إنه قال في كتابه: «إن الذين حكموا بالرأي من الصحابة إما أن يكونوا قد ظنوا أن ذلك جائز لهم وجهلوا تحريم الحكم بالرأي في الفتيا عليهم، وأنهم أرادوا أن يذكروا بالخلاف وأن يكونوا رؤساء المذاهب، فاختاروا لذلك القول بالرأي فنسبهم إلى إيثار الهوى على الدين» (٢). وقد ذكر الإمام البغدادي بعد ذلك (٣): «أن نسبة النَظَّامِ الصحابة إلى الجهل والنفاق يترتب عليه خلود أعلام الصحابة في النار على رأي النظام، لأن الجاهل بأحكام الدين عنده


(١) سَيَمُرُّ بِكَ الرَدُّ عَلَى هَذَا فِي فَصْلِ الرَدِّ عَلَى الأُسْتَاذِ «أَحْمَد أَمِينْ» الذِي سَرَقَ رَأْيَهُ فِي أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَظَّامِ قَدِيمًا وَالمُسْتَشْرِقِينَ حَدِيثًا.
(٢) " الفرق بين الفرق ": ص ٨٩ - ٩٠.
(٣) ص ١٩٢.