للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جولدتسيهر - عدد من كتابنا الفضلاء، أمثال الدكتور «أحمد أمين» - رَحِمَهُ اللهُ -، والدكتور «علي حسن عبد القادر».

أما الأستاذ «أحمد أمين» فقد أَفْرَدْتُ له بحثاً خَاصًّاً في هذا الكتاب، وَبَيَّنْتُ أخطاءه التي وقع فيها نتيجة ثقته بـ (جولدتسيهر) وتأثره بآرائه.

وأما الدكتور «علي حسن عبد القادر» (مدير المركز الثقافي الإسلامي بلندن - في عام ١٩٦١ - على ما بلغني) فإني - قبل أن أروي قصتي معه - أحب أن أعترف بفضله ودماثة خُلُقِهِ واعترافه بالحق حين يظهر له.

لما كنا طلابا في السَنَةِ الثانية والثالثة في قسم تخصص المادة في الفقه والأصول وتاريخ التشريع «العالمية من درجة أستاذ» في كلية الشريعة، وكان ذلك عام ١٩٣٩ عَيَّنَتْ مشيخة الأزهر في عهد الشيخ المراغي - رَحِمَهُ اللهُ -، الدكتور علي حسن عبد القادر أستاذاً لنا يُدَرِّسُ تاريخ التشريع الإسلامي، وكان قد أنهى دراسته في ألمانيا حَدِيثًا - وهو مُجَازٌ من كلية أصول الدين في قسم التاريخ، ومكث في ألمانيا أربع سنوات حتى أخذ شهادة الدكتوراه في قسم الفلسفة على ما أذكر.

كان أول درس تلقيناه عنه أن بدأه بمثل هذا الكلام:

«إِنِّيَ سَأُدَرِّسُ لَكُمْ تَارِيخَ التَّشْرِيعِ الإِسْلاَمِيَّ، وَلَكِنَْ عَلَى طَرِيقَةٍ عِلْمِيَّةٍ لاَ عَهْدَ لِلأَزْهَرِ بِهَا، وَإِنِّيَ أَعْتَرِفُ لَكُمْ بِأَنِّي تَعَلَّمْتُ فِي الأَزْهَرِ قُرَابَةَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ عَامًا فَلَمْ أَفْهَمِ الإِسْلاَمِ، وَلَكِنِّي فَهِمْتُ الإِسْلاَمَ حِينَ دِرَاسَتِيِ فِي أَلْمَانْيَا»، فعجبنا - نحن الطلاب - من مثل هذا القول وقلنا فيما بيننا: لنستمع إلى أستاذنا لعله حقاً قد علم شيئاً جديراً بأن نعلمه عن الإسلام مِمَّا لا عهد للأزهر به، وابتدأ درسه عن تاريخ السُنَّة النَّبَوِيَّةِ ترجمة حرفية عن كتاب ضخم بين يديه، علمنا فيما بعد أنه كتاب جولدتسيهر " دراسات إسلامية " وكان أستاذنا ينقل عبارته ويتبناها على أنها حقيقة علمية، واستمر في دروسه نناقشه فيما يبدو لنا - نحن الطلاب - أنه غير صحيح، فكان يأبى أن يخالف جولدتسيهر بشيء مِمَّا ورد في هذا الكتاب، حتى إذا وصل في دروسه إلى الحديث عن الزُّهْرِيِّ، واتهامه بوضع الأحاديث للأمويين، ناقشته في ذلك - بحسب معلوماتي المجملة عن الزُّهْرِيِّ من أنه إمام في السُنَّةِ، وموضع ثقة