للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النصوص على غير حقيقتها، وقلب المحاسن إلى سيئات، والتشكيك في كل خير يصدر عن هؤلاء الغَرْبِيِّينَ، ولو حصل هذا لخرجت منه صورة لهذه الحضارة ولرجالها مضحكة مخزية ينكرها المُسْتَشْرِقُونَ قبل غيرهم!! أتُرَى أحداً ينهض منا لهذا العِبْءِ، عِبْءَ استعمال المقاييس النقدية عند الغَرْبِيِّينَ بالأسلوب الذي ذكرناه لإعطاء صورة عنهم وعن عقائدهم وعن حضارتهم ليقرأها المُسْتَشْرِقُونَ بأنفسهم، فَيَرَوْا كيف عادت هذه الطريقة التي زعموا أنهم يستخدمونها لمعرفة «الحقيقة» في تاريخنا وديننا، وَبَالاً عليهم، لعلهم يخجلون - بَعْدَئِذٍ -، استمرارهم في التحريف والتضليل والهدم!.

وبعد فإني أعتقد أنه قد انقضى ذلك العهد الذي كنا فيه نعتمد في مصادر معرفتنا بعلومنا وتاريخنا على هؤلاء الغَرْبِيِّينَ، مع أنهم ليست لهم مصادر إلا كتبنا ومُدوَّناتنا، ولئن كُنَّا بها جاهلين من قبل، فلقد آن الأوان أن نرفع عن جباهنا خزي الجهالة بمصادرنا، وعار الاتكال في فهمها على فهم الغرباء عن لغتنا، ونزيل وصمة الاعتقاد بديننا وعلمائنا ما يريد منا هؤلاء المُسْتَشْرِقُونَ المتعصبون أن نعتقده في ذلك من شك وسوء ظن، ولقد آن الأوان أن نفعل ذلك بما نفضنا عنه الغبار ونثرناه عن كنوزنا العلمية الدفينة، وبما ملأ نفوسنا من وعي كريم وشعور باستقلال الشخصية.

ولئن بقي بعد الآن من يحسن الظن بفهمهم أو رأيهم في علومنا، فليقرأ - إن شاء الله - هذا الكتاب وغيره من الكتب التي تكشف عن دسائس هؤلاء المُسْتَشْرِقِينَ، فينكشفون على حقيقتهم كما هم في الواقع، وكما أرادوا لأنفسهم أن يكونوا.

وإذا كنا نشتد هذه الشدة في حق المُحَرِّفِينَ وَالمُضَلِّلِينَ أمثال جولدتسيهر، فإننا لا نغمط غيرهم من المُنْصِفِينَ حَقَّهُمْ في نشر نفائس كُتُبِنَا القديمة، ودأبهم في البحث عن الحقيقة، فليس العلم محتكرا لأُمَّةٍ دُونَ أُمَّةٍ.

والإسلام - وهو دين الله للعالم كله - لا يمكن أن يستأثر بفهمه قَوْمٌ دُونَ قَوْمٍ،