(رَابِعاً) - إن الذين عنوا بالتشريع من أئمة الإسلام وفقهائه، لم يكونوا أهلاً لتمحيص السُنّةِ وبيان صحيحها من موضوعها، وإن الأدباء وعلماء الكلام من المعتزلة، هم أهل لذلك، وحسبنا أن نَحْكِي عنه رأيه هذا، التدليل على حقيقة غيرته عَلَى السُنَّةِ، وورعه في دين الله - عَزَّ وَجَلَّ -.
(خَامِساً) - إن الصحابة والتَّابِعِينَ وفقهاء الإسلام وأئمة الحديث ثلاثة عشر قرناً كاملةً قد خدعوا بأبي هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، ولم يفطنوا إلى «تفاهة أمره» و «حقارة منبته» وجرأته في الكذب إرضاء للأمويِّين! إنهم لم يفطنوا لما فطن إليه «أَبُو رَيَّةَ» فيا لسوء حظ المُسْلِمِينَ الذين حرموا من رأي «أَبِي رَيَّةَ» الصائب وبصيرته النافذة خلال هذه القرون كلها!
ويا لسوء حظ الإسلام، إذ رزق خلال هذه العصور أئمة وعلماء بُلْهاً مُغَفَّلِينَ يعتمدون في كتبهم وفقههم واجتهادهم على رجل «حقير، أكول، كَذَّابٍ، كل همه جمع المال وأكل الطعام! ... » كما يصفه اليوم أَبُو رَيَّةَ.
(سَادِساً) - إِنَّ السُنَّةَ بما دخلها من الوضع، وبما أدرجه رُواة السُنّة الموثوقون من كلامهم في فن الحديث، وما لحق الحديث من «شذوذ» و «اضطراب» و «رواية بالمعنى» وغير ذلك جَعَلَ السُنَّةَ كلها في موضع الشك والريبة فيها وفي مُدَوَّنَاتِهَا الصحيحة، بحيث لم تعد محلاً للثقة والاعتماد. هذه من النتائج التي يخرج بها قارئ كتابه مِمَّنْ لا علم له بِالسُنَّةِ وعلومها، وهذا هو ما سعى ويسعى إليه المُسْتَشْرِقُونَ المُتَعَصِّبُونَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، ثم يزعم مع ذلك «أَبُو رَيَّةَ» أنه إنما أَلَّفَ كتابه «للدفاع عَنْ السُنَّةِ القولية وحياطتها مِمَّا يشوبها» لا يبتغي إلا وجه الله وابتغاء مرضاته!! ولم أكن أدري من قبل، أن دعم الشيء يكون بالتشكيك فيه، وخدمة الشريعة بالالتقاء مع أعدائها والساعين إلى هدمها! وفوق كل ذي علم عليم، وإنا لله وإنا إليه راجعون ...
(سَابِعاً) - أنه شكك في كل الأحاديث والآثار الصحيحة التي تَحَدَّثَتْ عن أشياء موجودة في الكتب بين أيدينا لليهود والنصارى، وأن ذلك دليل على اليد اليهودية أو المسيحية في الدَسِّ على الحديث.
أما ما جاء في الآثار والأحاديث من نقول عن التوراة، لا نجدها الآن في