للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ ـ قال تعالى: " وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (٨٨) لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْ‍ئًا إِدًّا (٨٩) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠) أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (٩١) وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا (٩٢) " (مريم ٨٨ - ٩٢): فهؤلاء جاؤوا بقول منكر عظيم، تقرب السماء أن تسقط عليهم، والأرض أن تخسف بهم، والجبال أن تطبق عليهم؛ لقبح ما قالوه، وتفوهوه، ثم قال عز وجل:

" إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣) " (مريم ١٩٣): وهذا يفيد امتناع ما قالوه؛ لأنه قد " أجمع أهل العلم، أن البنوة مع العبودية لا يجتمعان، ومن اشترى ابنه يعتق عليه؛ لأنه لا يصلح أن يكون ابنا وعبداً ". (١)

٤ ـ ويقول الله جل وعلا: " بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٠١) " (الأنعام ١٠١): يقول السمعاني: "وفيه دليل أيضاً على أن لا ولد له؛ لأنه إذا كان خلق كل شيء، لم يصلح أن يكون له ولد؛ إذ المخلوق لا يصلح ولداً للخالق؛ فإن ولد كل أحد، يكون من جنسه ". (٢)، وكذا لا يكون الولد إلا من الصاحبة، وهي منفية عن الباري جل وعلا.

وإذا لم يجز لله أن يتخذ ولداً، فكذلك لا يجوز عليه التبني، يقول السمعاني: " وأعلم أن الله تعالى، كما لا يجوز له أن يتخذ ولداً، لا يجوز له التبني؛ فإن التبني إنما يكون حيث يكون به الولد، فإذاً لم يتصور لله ولد، ولم يجز عليه التبني ". (٣)


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٢٩٥
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ١٣١
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٥٠٦

<<  <   >  >>