للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ ـ ويقول جل في علاه عن قول هذه الطوائف الآثمة: " ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِ‍ئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٣٠) " (التوبة ٣٠)، يقول السمعاني: "معناه: أنهم قالوا هذا القول بلا حجة، ولا بيان، ولا برهان، ولا إنما كان مجرد قول بلا أصل ". (١)

٦ ـ ويقول سبحانه وتعالى: " مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْأيَاتِ

ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٧٥) " (المائدة ٧٥): يقول السمعاني: " وقوله " كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ": أي يتغذيان بالطعام، ومعناه: أن من يتغذي بالطعام لا يكون إلهاً يعبد " (٢). وهذا فيه تكذيب صريح لهذه الطوائف التي ادعت في المسيح عليه السلام، أنه الله، أو ابن الله، وأن من كان ما كان محتاجاً إلى ما يغذوه، وبه يقيم بدنه من المطاعم والمشارب، لا يصلح أن يكون إلهاً؛ لأن قوامه بغيره، وفي قوامه بغيره وحاجته إلى ما يقيمه، دليل واضح على عجزه. والعاجز لا يكون إلا مربوباً لا رباً ". (٣)

وبهذا يظهر جهاد الإمام السمعاني بالقرآن، كما قال تعالى: " وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (٥٢) " (الفرقان ٥٢)، للذوذ عن هذه الأصول، والذب عنها، وبيان الحق فيها، والكشف عن كل الشبهات، وتتبعها، وإظهار عوارها وزيفها.


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٣٠٢
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٥٦
(٣) ((الطبري: جامع البيان: ١٠/ ٤٨٥

<<  <   >  >>