للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد رد العلماء قديماً وحديثاً على هذا المذهب الفاسد من كل جهة، حين قالوا: إن هذه المخلوقات البديعة الخلق، والعجيبة الفرق، من فعل الطبيعة، وبذا ناقضوا الفطرة، وخالفوا العلم، وناكفوا العقل، ولذا يقول الشيخ الشنقيطي: " أن اختلاف ألوان الآدميين، واختلاف ألوان الجبال، والثمار، والدواب، والأنعام، كل ذلك من آياته الدالة على كمال قدرته، واستحقاقه للعبادة وحده، قال تعالى: " أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (٢٧) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ " (فاطر ٢٧ - ٢٨)، واختلاف الألوان المذكورة، من غرائب صنعه تعالى وعجائبه، ومن البراهين القاطعة، على أنه هو المؤثر جل وعلا، وأن إسناد التأثير للطبيعة من أعظم الكفر والضلال ". (١)

وقد ساهم الإمام السمعاني في رد هذا الهراء، وكشف هذا الافتراء، فقال في تفسير قوله تعالى: " وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَأيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٤) " (الرعد ٤): " وقوله " يسقى بماء واحد " ... وفي الآية رد على أصحاب الطبيعة، فإن الماء واحد، والهواء واحد، والتراب واحد، والحرارة واحدة، والثمار مختلفة في اللون والطعم، وقلة الرَّيع، وكثرة الرَّيع، والطبيعة واحدة يستحيل أن توجب شيئين مختلفين؛ فدل هذا أن الجميع من الله تعالى ". (٢)

وقد رد الإمام الرازي على هذا المذهب في تفسيره، من جهات متعددة، فرده من جهة:

ـ حدوث التغيُّرات والتبدلات، وأنها لا بُدَّ لها من سبب. (٣)


(١) ((الشنقيطي: أضواء البيان: ٦/ ١٧٣
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٧٧
(٣) ((الرازي: مفاتيح الغيب: ١٣/ ٨٧

<<  <   >  >>