ـ فهذا النوع من التوحيد، يقصد إلى إفراد الله جل وعلا، في عبادته، في السر والعلن، وبالقلب والجوارح، فلا يخضع، ولايذل، ولا يرجو، ولايخاف خوف عبادة إلا من الله جل وعلا.
وهذا التوحيد يُعبِّر عن تمام القصد، وتمام الحاجة، وتمام الفقر والطلب من الله الغني الحميد، فلا يكون قصد القلب، ولا استعانته، ولا توكله إلا على الله تعالى، ولا تسجد هذه الجوارح، ولا تخضع إلا لله تعالى، ولا يكون طلب الحاجات، وتفريج الكربات إلا من الله جل في علاه.
وأما المتكلمون الذين جعلوا من لفظ الإله صفة فعلية، بنوا عليها مذهبهم في حقيقة الإله، فقالوا: هو القادر على الاختراع، فهذا القول مخالف للمشهور المعلوم، وجوابه من وجهين:
١ ـ أن هذا القول مبتدع لا يعرف أحد قاله من العلماء، ولا من أئمة اللغة.
٢ ـ على تقدير تسليمه، فهو تفسير باللازم للإله الحق، فإن اللازم له أن يكون خالقاً قادراً على الاختراع، ومتى لم يكن كذلك فليس بإله، وإن سُمِّي إلهاً، وليس مراده أن من عرف أن الإله هو القادر على الاختراع، فقد دخل في الإسلام وأتي بتحقيق المرام من مفتاح دار السلام، فإن هذا لا يقوله أحد؛ لأنه يستلزم أن يكون كفار العرب مسلمين. ولو قُدِّر أن بعض المتأخرين أرادوا ذلك، فهو مخطئ، يُرد عليه بالدلائل السمعية والعقلية. (١)
(١) ((سليمان بن عبدالوهاب: تيسير العزيز الحميد، المكتب الإسلامي، بيروت، ط ١،١٤٢٣ هـ (٥٩)