للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول الطبري: " فمعنى قوله:" وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَّا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ" والذي يستحق عليكم أيها الناس الطاعة له، ويستوجب منكم العبادة، معبود واحد، ورب واحد، فلا تعبدوا غيره، ولا تشركوا معه سواه، فإن من تشركون معه في عبادتكم إياه، هو خَلْقٌ من خَلْقِ إلهكم مثلكم، وإلهكم إله واحد لامثيل له ولا نظير " (١).

٥/ وقد حكى الله جل وعز احتجاج يوسف - عليه السلام - للرجلين بوحدانية الله وعلى بطلان الأرباب المتفرقة فقال سبحانه:" يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ ءَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٣٩) مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ" (يوسف ٣٩ - ٤٠)، فهنا بين يوسف - عليه السلام - أحقية الواحد الغالب على كل شيء، ونفي الخيرية عما سواه مطلقا، يقول السمعاني:" خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ"الواحد: الغالب على كل شيء، والمراد نفي الخيرية منهم أصلا " (٢).

ويقول الطبري في معنى هذه الآية: " أعبادة أرباب شتى متفرقين، وآلهة لاتنفع ولا تضر، خير أم عبادة المعبود الواحد، الذي لاثاني له في قدرته وسلطانه، الذي قهر كل شيء، فذَلَّلَه وسخره، فأطاعه طوعا وكرها " (٣)، وقوله تعالى:" أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ" هي الدلالة على استحقاقه جل وعز على العبودية على خلقه أجمعين، يقول الطبري: " وهو الذي أمر ألا تعبدوا أنتم وجميع خلقه، إلا الله الذي له الألوهة والعبادة خالصة دون كل ماسواه من الأشياء ... عن أبي العالية قال: أسَّسَ الدين على الإخلاص لله وحده لاشريك (٤).

٦/قوله تعالى:" لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ" (الأنبياء ٢٢).


(١) الطبري: جامع البيان:٣/ ٢٦٥.
(٢) السمعاني: تفسير القرآن:٣/ ٣١.
(٣) الطبري: جامع البيان:١٦/ ١٠٤.
(٤) الطبري: جامع البيان:١٦/ ١٠٦.

<<  <   >  >>