للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اختلف المفسرون في هذه الآية من جهتين:

الأولى: في معنى قوله:" إِلَّا اللَّهُ"،والثانية: هل هذه الآية دلالتها على توحيد الربوبية أم توحيد الألوهية؟!

فأما المسألة الأولى: فقد بين السمعاني الخلاف في معنى قوله::" إِلَّا اللَّهُ" (١)، وذكر أن أكثر أهل التفسير على أن "إلا" هنا بمعنى غير كما قال الشاعر:

وكل أخ مفارقه أخوه ... لعمرو أبيك إلا الفرقدان

يعني غير الفرقدين، وهذا على ما اعتقدوه من دوام السماء والأرض.

وذهب بعضهم إلى أن معنى" إِلَّا اللَّهُ"، أن"إلا" هنا بمعنى "الواو" ومعناه: لو كان فيهما آلهة والله أيضا لفسدتا، وهذا المقصود منه إثبات وحدانية الله تعالى، على أن يكون له شريك يعارضه في ملكه.

وذهب الفراء إلى أن"إلا" بمعنى سوى، ويكون المقصود منه، إبطال عبادة غيره لعجزه عن أن يكون له إلها؛ لعجزه عن قدرة الله.

فالنحويون كلهم قالوا:"إلا" هنا ليست باستثناء، ولكنه على ما بعده صفة للآلهة في معنى (غير) (٢).

وأما المسألة الثانية: فإن العلماء مختلفون في دلالة هذه الآية الكريمة، على الوحدانية أم على الإلهية؟ قولان:

الأول: أنها دالة على الوحدانية، وهو الذي ذهب إليه عامة المتكلمين، ولذلك ساقوا في هذا المقام دليل التمانع، وجعلوه كالتفسير للآية؛ لأن خلاصة دليل التمانع إثبات وحدانية الله في الخلق والإيجاد، فهذا الدليل قرروا به توحيد الربوبية؛ لأنه مُعَلَّقٌ بالقدرة على الفعل أوالعجز، وجعلوا الآية الكريمة دليلا على ماساقوه من هذا الدليل.

مع أن هذا الدليل في ذاته مستقيم، كما بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، ورد على من خالفه (٣)، إلا أنه ناقش في دلالته على الربوبية (٤).


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٣٧٤
(٢) الواحدي: التفسير الوسيط:٣/ ٢٣٣.
(٣) ابن تيمية: درء تعارض العقل والنقل:٩/ ٣٥٤.
(٤) ابن تيمية: اقتضاء الصراط المستقيم:٢/ ٨٤٦.

<<  <   >  >>