للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كل ما سبق بيانه، يوضح بجلاء، اهتمام الإمام السمعاني، ببيان عقيدة التوحيد التي جاء بها القرآن، ولما كان مدار التوحيد، على هذا النوع، فقد أولاه السمعاني عناية فائقة، فعَرَّف، وبيَّن، ودَلَّل، ووجَّه، وصَوَّب، وهذا كله واضح فيما سردناه من مسائل متعلقة بهذا النوع من التوحيد. والإمام السمعاني سار في طريقته كما بيَّنا، على طريقة السلف الأوائل، من جهة البيان والاستدلال. ويظهر هذا واضحاً في المباحث التي سُقناها، فقد أشار السمعاني إلى عدة أمور في بيان هذا النوع من التوحيد:

١ ـ جهة الاشتقاق اللفظي، والتصريف اللغوي، لمعنى كلمة الإله. ومن ذلك، بيانه لأصل كلمة (اللهم) فقال: "فأصله: يا الله، فما حذف حرف النداء، زيدت الميم في آخره، قال الفراء: الميم فيه معنى، ومعناه: يا الله، أعنا بالمغفرة، أي اقصدنا " (١)

وذكر بعض العلماء، فرقاً لطيفاً بين قول (الله)، وقول (إله): فقال: " إن قولنا (الله) اسم لم يسم به غير الله، يُسمى غير الله إلهاً على وجه الخطأ، وهي تسمية العرب الأصنام آلهة، وأما قول الناس: لا معبود إلا الله، فمعناه: أنه لا يستحق العبادة إلا الله تعالى " (٢)

وقال في بيان الفرق بين قول (الله)، وقول (اللهم): " إن قولنا (الله) اسم، واللهم نداء، والمراد به: يا الله، فحذف حرف النداء، وعوض الميم في آخره " (٣)

٢ ـ اهتمامه بذكر دلائل هذا النوع من التوحيد، وأن الخلق كلهم مسؤولون عنه، فقد نقل عن أبي العالية قوله: " إن جميع الخلق يسألون عن شيئين: عن التوحيد، وعن إجابة المرسلين " (٤)، وذلك عند تفسير قوله تعالى: " فَوَرَبِّكَ لَنَسْ‍ئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٣) " (الحجر ٩٢ ـ ٩٣).


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٣٠٦
(٢) الحسن العسكري: الفروق اللغوية: دار العلم والثقافة، القاهرة، (١٨٥)
(٣) الحسن العسكري: الفروق اللغوية: (١٨٦)
(٤) السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ١٥٣

<<  <   >  >>