للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ورد عن الإمام السمعاني نصا يمنع ظاهره الاجتهاد في العقائد، يقول فيه:" أن الحوادث للناس والفتاوى في المعاملات ليس لها حصر ولا نهاية، وبالناس إليها حاجة عامة، فلو لم يجز الاجتهاد في الفروع، وطلب الأشبه بالنظر والاعتبار، ورد المسكوت عنه إلى المنصوص عليه بالأقيسة، لتعطلت الأحكام، وفسدت على الناس أمورهم، والتبس أمر المعاملات على الناس. ولا بد للعامي من مفت، فإذا لم يجد حكم الحادثة في الكتاب والسنة، فلا بد من الرجوع إلى المستنبطات منهما، فوسع الله هذا الأمر على هذه الأمة، وجوز الاجتهاد ورد الفروع إلى الأصول لهذا النوع من الضرورة، ومثل هذا لا يوجد في المعتقدات؛ لأنها محصورة محدودة، قد وردت النصوص فيها من الكتاب والسنة، فإن الله تعالى أمر في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم باعتقاد أشياء معلومة لا مزيد عليها ولا نقصان عنها، وقد أكملها بقوله: (اليوم أكملت لكم دينكم) فإذا كان قد أكمله وأتمه، وهذا المسلم قد اعتقده وسكن إليه، ووجد قرار القلب عليه، فبماذا يحتاج إلى الرجوع إلى دلائل العقل وقضاياه، والله أغناه عنه بفضله، وجعل له المندوحة عنه .. " (١). بتحليل كلام السمعاني ينتج عنه التالي:

- أن الأحكام بحاجة إلى الاجتهاد؛ حتى لا تتعطل الأحكام، وتفسد أمور الناس.

- أن مسائل العقائد ليست بحاجة إلى الاجتهاد، كما هو الحال في مسائل الأحكام، الذي عبَّر عنها السمعاني برد الفروع إلى الأصول؛ لأن مسائل المعتقد محصورة محدودة، والواجب فيها التسليم والاتباع.


(١) - السمعاني: الانتصار: ٣٢

<<  <   >  >>