للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإمام السمعاني يرجح القول الأول، وفي هذا يقول: " وأما أهل السنة مقرون بيوم الميثاق " (١). ونقل عن جماعة من المفسرين، القول بأن الله تعالى استنطقهم فنطقوا، وكلمهم فتكلموا، وفي هذا يقول: " وفي بعض الأخبار: أن الله استخرج ذرية آدم، فنثرهم بين يدي آدم، ثم كلمهم قبلاًـ أي عياناً ـ فقال: " أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ " قالوا: بلى، وقيل: جعل لهم عقول يفهمون بها، وألسنة ينطقون بها، ثم خاطبهم وألهمهم الجواب.

وقال بعض المفسرين عن علماء السلف: إن الكل قالوا: بلى، لكن المؤمنين قالوا: بلى طوعاً، وقال الكافرون كرهاً ". (٢)

وأشار إلى أن المعتزلة، أنكرت الميثاق (٣)، وتأولوا هذه الآية، على ما تأوله أصحاب القول الثاني. إلا أن أصحاب القول الثاني، يُثبتون يوم الميثاق بالأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنهم لا يعتبرون أن هذه الآية تدل عليه، خِلافاً للمعتزلة الذين ينكرون هذا الإشهاد أصلاً.

وقد ذكر الإمام الرازي حجج المعتزلة، في إنكار هذا الميثاق ورد عليها (٤)، ولذا قال الإمام الزمخشري المعتزلي في كشافه عن هذا الميثاق: " من باب التمثيل والتخييل ". (٥)

وشاهد القول أن الإمام السمعاني، جعل الميثاق الأول شاهداً ودليلاً على وجود الباري جل وعلا، وقد أورد إشكالاً وأجاب عنه، فقال: " وأما قوله: " أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ " يقرأ بالياء والتاء، فمن قرأ بالياء فتقدير الكلام: وأشهدهم على أنفسهم لئلا يقولوا يوم القيامة: إنا كنا عن هذا غافلين، ومن قرأ بالتاء، فتقدير الكلام: أخاطبكم ألست بربكم؟ لئلا تقولوا يوم القيامة: إنا كنا عن هذا غافلين.

فإن قال قائل: الحجة إنما تلزم في الدنيا، إذا رجعوا عن ذلك العهد الذي كان يوم الميثاق، وأحد لا يذكر ذلك الميثاق، حتى يكون بالرجوع معانداً، فتلزمه الحجة؟


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٢٣٠
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٢٣١
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٢٣١
(٤) ((الرازي: مفاتيح الغيب: ١٥/ ٣٩٨
(٥) ((الزمخشري: الكشاف: ٢/ ١٧٦

<<  <   >  >>