للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيل: إن الله تعالى قد أوضح الدلائل ونصبها على وحدانيته، وصدق قوله، وقد أخبر عن يوم الميثاق، وهو صادق في الأخبار، فكل من نقض ذلك العهد، كان معانداً ولزمته الحجة" (١)

الطريق الثاني: دليل النظر والتأمل في الآيات:

كل الكائنات تشهد، وكل المخلوقات تسجد وتعبد، فمن قلَّب النظر، وأمعن الفكر، وأجال البصر، ورأى عِظَم المخلوق، استدل به على عِظَم الخالق.

وبهذا النظر، وهذا التأمل تستيقظ الفطرة، ويستقيم العقل، ويزن بالفضل، فالله جل وعلا خاطب عقول الكفار؛ فقال جل وعلا: " أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (٣٥) " (الطور ٣٥). يعني: أهم خلقوا السموات والأرض. والجواب: أنهم لم يخلقوا السموات والأرض (٢)، فعلموا من حالهم الضعف، وأنهم محتاجون لقوة يحتمون بها، وقبلة يتجهون إليها. إذن: فنفوسهم أقرت، وعقولهم استقرت، بأن الله هو الموجد، وما سواه موجود، وأن الله تعالى هو الخالق، وما سواه مخلوق، فكيف تصرفون العبادة لغيره.

فسبحانه " شهد بتدبيره العجيب، وصنعه المتقن، وأموره المحكمه من خلقه، أنه لا إله إلا هو، وهذا كقول القائل:

ولله في كل تحريكة وتسكينة أبداً شاهد ... وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد " (٣)

ومن شواهد الدلائل على وجوده ما يلي: (٤)

١ ـ سُئِل الإمام أبو حنيفة عن الله جل وعلا، فقال: إن الوالد يريد الولد الذكر فيكون أنثى، ويكون العكس، فدل على الصانع.

٢ ـ وسأل هارون الرشيد الإمام مالكاً عن الله تعالى، فاستدل باختلاف الأصوات، وتردد النغمات، وتفاوت اللغات.


(١) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٢٣١
(٢) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٢٧٨
(٣) ((الثعلبي: أحمد بن محمد: الكشف والبيان عن تفسير القرآن دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط ١، ١٤٢٢ هـ (٣/ ٣٢)
(٤) ((انظر: الرازي: مفاتيح الغيب: ٢/ ٣٣٣ - ٣٣٤

<<  <   >  >>