للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ ـ وسُئل الإمام الشافعي: ما الدليل على وجود الصانع؟ فقال: ورقة الفِرصاد (١)، طعمها، ولونها، وريحها، وطبعها واحدها عندكم؟ قالوا: نعم، قال: فتأكلها دودة القز، فيخرج منها الإبريسم، والنحل فيخرج منها العسل، والشاة فيخرج منها البعر، ويأكلها الظباء فينعقد في نوافجها (٢) المسك، فمن الذي جعل هذه الأشياء كذلك مع أن الطبع واحد؟ فاستحسنوا منه ذلك، وأسلموا على يده، وكان عددهم سبعة عشر.

٤ ـ واستدل الإمام أحمد على وجود الله تعالى، بقلعة حصينة، ملساء لا فرجة فيها، ظاهرها كالفضة المذابة، وباطنها كالذهب الإبريز، ثم انشقت الجدران، وخرج من القلعة حيوان سميع بصير، فلا بد من الفاعل، عنى بالقلعة البيضة، وبالحيوان الفرخ.

٥ ـ ويروى أن بعض الزنادقة أنكر الصانع عند جعفر الصادق، فقال جعفر: هل ركبت البحر؟ قال: نعم، قال: هل رأيت أهواله؟ قال: بلى، هاجت يوماً رياح هائلة، فكسَّرت السفن، وغَرَّقت الملاحين، فتعلقت أنا ببعض ألواحها، ثم ذهب عني ذلك اللوح، فإذا أنا مدفوع في تلاطم الأمواج، حتى دفعت إلى الساحل. فقال جعفر: قد كان اعتمادك من قبل على السفينة والملاح، ثم على اللوح حتى تنجيك، فلما ذهبت هذه الأشياء عنك، هل أسلمت نفسك للهلاك أم كنت ترجو السلامة بعد؟ قال: بل رجوت السلامة، قال: ممن كنت ترجوها، فسكت الرجل، فقال جعفر: إن الصانع هو الذي كنت ترجوه في ذلك الوقت، وهو الذي نجاك من الغرق، فأسلم الرجل على يده.

٦ ـ وسُئل أعرابي عن الدليل، فقال: البعرة تدل على البعير، والروث على الحمير، وآثار الأقدام على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، أما تدل على الصانع الحكيم العليم القدير؟


(١) ((الفِرصاد: بالكسر، التوت الأحمر خاصة. انظر: الرازي: مختار الصحاح، المكتبة العصرية، بيروت، ط ٥، ١٤٢٠ هـ (٢٣٧).
(٢) ((النوافج: الجيم؛ مؤخرات الضلوع، واحدها: نافج ونافجة. انظر: الأزهري: تهذيب اللغة، (١١/ ٨٠)

<<  <   >  >>