للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيهَا: توفّي عبد اللَّهِ بن إِسْحَاق الْحَضْرَمِيّ من حلفاء عبد شمس، يكنى أَبَا بَحر، إِمَامًا فِي النَّحْو واللغة، عَابَ الفرزدق فِي شعره وَنسبه إِلَى اللّحن، فَقَالَ الفرزدق فِيهِ:

(وَلَو كَانَ عبد اللَّهِ مولى هجوته ... وَلَكِن عبد اللَّهِ مولى مواليا)

فَقَالَ لَهُ عبد اللَّهِ: وَلَقَد لحنت أَيْضا فِي قَوْلك: مولى مواليا، بل يَنْبَغِي أَن تَقول: مولى موَالٍ.

قلت: قد يُقَال إِن حجَّة الفرزدق فِي قَوْله مولى مواليا: كَونه غير منصرف وخفة الفتحة، وَقد يُجَاب عَن الْحَضْرَمِيّ: إِن فَتْحة موَالِي نائبة عَن الْجَرّ فَكَمَا أَن الْجَرّ المنوب عَنهُ يستثقل هُنَا فَكَذَلِك الْفَتْح النَّائِب إِعْطَاء للنائب حكم المنوب عَنهُ، وَلَوْلَا خوف التَّطْوِيل لذكرت هُنَا مَا عَلَيْهِ من المباحث، وَالله أعلم.

ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَة: فِيهَا: أرسل مَرْوَان بن مُحَمَّد يزِيد بن هُبَيْرَة إِلَى الْعرَاق لقِتَال الْخَوَارِج، وَكَانَ بخراسان نصر بن سيار والفتنة، ثمَّ قَائِمَة بِسَبَب دعاة بني الْعَبَّاس.

وفيهَا: مَاتَ عَاصِم بن أبي النجُود الْمقري - والنجود: الأتان الوحشية - ... ... ... ... ...

ثمَّ دخلت سنة تسع وَعشْرين وَمِائَة: فِيهَا: ظَهرت دَعْوَة بني الْعَبَّاس بخراسان، وَكَانَ يخْتَلف أَبُو مُسلم الْخُرَاسَانِي من خُرَاسَان إِلَى إِبْرَاهِيم الْمُسَمّى بِالْإِمَامِ ابْن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد اللَّهِ بن عَبَّاس وَمِنْه إِلَى خُرَاسَان ليستعلم مِنْهُ إِبْرَاهِيم الْأَحْوَال.

وفيهَا: استدعى إِبْرَاهِيم أَبَا مُسلم من خُرَاسَان، فَسَار إِلَيْهِ. ثمَّ أرسل إِلَيْهِ إِبْرَاهِيم أَن ابْعَثْ إِلَيّ بِمَا مَعَك من المَال مَعَ قَحْطَبَةَ وارجع إِلَى أَمْرِي ووافاه الْكتاب بقومس، فامتثل وَأرْسل المَال وَرجع، فَلَمَّا وصل مرو أظهر الدعْوَة لبني الْعَبَّاس، فَأَجَابَهُ النَّاس وَأرْسل إِلَى بِلَاد خُرَاسَان بِإِظْهَار ذَلِك بعد السَّعْي فِيهِ سرا مُدَّة طَوِيلَة، ثمَّ أظهر ذَلِك فِي هَذِه السّنة.

وَجرى بَين أبي مُسلم وَبَين نصر بن سيار أَمِير خُرَاسَان مكاتبات ومراسلات ثمَّ قتال، فَقتل أَبُو مُسلم بعض عُمَّال نصر على بعض بِلَاد خُرَاسَان وَاسْتولى على مَا بِأَيْدِيهِم.

أَبُو مُسلم: من خطرنية من سَواد الْكُوفَة، كَانَ قهرمانا لإدريس بن معقل الْعجلِيّ، ثمَّ صَار إِلَى أَن ولاه مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد اللَّهِ بن الْعَبَّاس الْأَمر فِي استدعاء النَّاس فِي الْبَاطِن، ثمَّ مَاتَ مُحَمَّد فولاه ابْنه إِبْرَاهِيم الإِمَام ذَلِك، ثمَّ الْأَئِمَّة من ولد مُحَمَّد.

وَلما قوي أَبُو مُسلم على نصر بن سيار كتب بذلك إِلَى مَرْوَان بن مُحَمَّد وبكونه يَدْعُو إِلَى إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور وَكتب شعرًا وَهُوَ:

(أرى تَحت الرماد وميض نَار ... ويوشك أَن يكون لَهَا ضرام)

(فَإِن لم يطفها عقلاء قوم ... يكون وقودها جثث وهام)

(فَقلت من التَّعَجُّب لَيْت شعري ... أأيقاظ أُميَّة أم نيام)

وَكَانَ مقَام إِبْرَاهِيم الإِمَام وَأَهله بالشراة من الشَّام بقرية الحميمة - بِضَم الْحَاء - عَن

<<  <  ج: ص:  >  >>