الشوبك دون يَوْم بَينهمَا وَبَين وَادي مُوسَى وَمن الشوبك قبْلَة بغرب وَتلك الْبقْعَة من الشوبك إِلَى الغرب والقبلة هِيَ الشراة. فَكتب مَرْوَان إِلَى عَامله بالبلقاء أَن يسير إِلَى إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْمَذْكُور، فشده وثاقا، وَبعث بِهِ فحبسه مَرْوَان بحران حَتَّى مَاتَ إِبْرَاهِيم فِي حَبسه، ومولده سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ.
ثمَّ دخلت سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَة: فِي هَذِه السّنة دخل أَبُو مُسلم مَدِينَة مرو وَنزل فِي قصر الْإِمَارَة فِي ربيع الآخر، وهرب نصر بن سيار من مرو، ثمَّ وصل قَحْطَبَةَ من عِنْد الإِمَام إِبْرَاهِيم إِلَى أبي مُسلم وَمَعَهُ لِوَاء عقده لَهُ إِبْرَاهِيم، فَجعل أَبُو مُسلم قَحْطَبَةَ فِي مقدمته وَجعل إِلَيْهِ الْعَزْل والاستعمال وَكتب إِلَى الْجنُود بذلك.
وفيهَا: أَعنِي سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَة - وَقيل: سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ توفّي ربيعَة الزابي بن فروخ فَقِيه الْمَدِينَة، أدْرك جمَاعَة من الصَّحَابَة وَعنهُ أَخذ مَالك الْعلم.
ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى ثَلَاثِينَ: فِيهَا: مَاتَ نصر بن سيار بساوة قرب الرّيّ وعمره خمس وَثَمَانُونَ.
وفيهَا: توفّي أَبُو حُذَيْفَة وَاصل بن عَطاء الغزال المعتزلي، ومولده سنة ثَمَانِينَ، اشْتغل على الْحسن الْبَصْرِيّ ثمَّ اعتزله وَخَالفهُ فِي قَوْله فِي أَصْحَاب الْكَبَائِر من الْمُسلمين أَنهم لَيْسُوا مُؤمنين وَلَا كَافِرين بل فِي منزلَة بَين المنزلتين فَسُمي وَأَصْحَابه معتزلة، كَانَ ألثغ بالراء فتجنبها حَتَّى قيل:
(نعم تجنب لَا يَوْم الْعَطاء كَمَا ... تجنب ابْن عَطاء لثغة الرَّاء)
لَازم وَاصل الغزالين ليعرف المتعففات من النِّسَاء فَيجْعَل صدقته لَهُنَّ فَسُمي الغزال.
وفيهَا: أَعنِي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ: توفّي بِالْبَصْرَةِ مَالك بن دِينَار من موَالِي بني أُسَامَة بن ثَوْر الْقرشِي الْعَالم الناسك الزَّاهِد، وَمَا أحسن مَا روى بعض الشُّعَرَاء باسم مَالك فِي ملك انتصر على أعدائه فَأسر الرِّجَال وَفرق الذَّهَب فَقَالَ:
(أعتقت من أَمْوَالهم مَا استعبدوا ... وملكت رقهم وهم أَحْرَار)
(حَتَّى غَدا من كَانَ مِنْهُم مَالِكًا ... متمنيا لَو أَنه دِينَار)
قلت: وَقد أذكرني هَذَا قولي:
(يَا من سبي شمس الضُّحَى ... بِالنورِ مَا قلبِي حَدِيد)
تورية بالسور.
(أَنا خَالِد فِي لوعة ... وجوى يشيب لَهُ الْوَلِيد)
تورية لخَالِد بن الْوَلِيد.
وَقَوْلِي أَيْضا من مقَامه فِي طَريقَة التصوف:
(كم مُنكر صَار فِيهَا مَعْرُوفا بالإيثار ... وَكم من مَالك فنى بنافيها عَن دِينَار)
وَقَوْلِي: