حنيفَة وَهُوَ صَغِير ذهب إِلَى عَليّ رَضِي اللَّهِ عَنهُ فَدَعَا لَهُ بِالْبركَةِ فِيهِ وَفِي ذُريَّته، وَقيل: هُوَ النُّعْمَان بن ثَابت بن النُّعْمَان بن الْمَرْزُبَان وَأَن جده النُّعْمَان أهْدى لعَلي يَوْم المهرجان فالوذجا، فَقَالَ لَهُ عَليّ: مهرجونا كل يَوْم.
أدْرك أَبُو حنيفَة اربعة من الصَّحَابَة وهم: انس بن مَالك وَعبد اللَّهِ بن أبي أوفى بِالْكُوفَةِ وَسَهل بن سعد السَّاعِدِيّ بِالْمَدِينَةِ وَأَبُو الطُّفَيْل عَامر بن وَاثِلَة وَلم يلق أحدا مِنْهُم وَلَا أَخذ عَنْهُم وَإِن زعم أَصْحَابه غير ذَلِك؛ وَكَانَ عَالما عَاملا زاهدا ورعا، رواده الْمَنْصُور على الْقَضَاء فَامْتنعَ، وَكَانَ ربعَة حسن الْوَجْه وَقيل: طَويلا أحسن النَّاس منطقا.
قَالَ الشَّافِعِي: قيل لمَالِك هَل رَأَيْت أَبَا حنيفَة؟ فَقَالَ: نعم رَأَيْت رجلا لَو كَلمته فِي هَذِه السارية أَن يَجْعَلهَا ذَهَبا لقام بحجته، وَكَانَ يُصَلِّي غَالب اللَّيْل حَتَّى قيل صلى الصُّبْح بِوضُوء الْعشَاء أَرْبَعِينَ سنة، وَحفظ عَلَيْهِ أَنه ختم الْقُرْآن فِي الْموضع الَّذِي توفّي فِيهِ سَبْعَة آلَاف مرّة وعيب بقلة الْعَرَبيَّة.
قلت: وَرُوِيَ أَن أَبَا عَمْرو بن الْعَلَاء الْمقري سَأَلَهُ عَن الْقَتْل بالمثقل هَل يُوجب الْقود؟ فَقَالَ: لَا، فَقَالَ: وَلَو قَتله بِحجر المنجنيق؟ فَقَالَ: وَلَو قَتله بأبا قبيس وَاعْتذر عَنهُ بِأَن هَذِه لُغَة كوفية وَهُوَ كُوفِي، وَأَيْضًا فَإِن بلحارث وبلعنبر وَمُرَاد وخثعم وَبَعض عذرة يفرون إِلَى الْألف من الْيَاء لِأَنَّهَا أخف حُرُوف الْمَدّ مثل قَوْله:
(إِن أَبَاهَا وَأَبا أَبَاهَا ... )
وَيَقُولُونَ: أعطات وجازات يُرِيدُونَ أَعْطَيْت وجازيت، وَقد ذكرت بذلك قولي:
(ثَقيلَة ردف قَصدهَا قتلتي بِهِ ... فَقلت لَهَا إِن تقتلي النَّفس تقتلي)
(فَقَالَت أما نعْمَان جدي ابْن ثَابت ... وَمَا من قصاص عِنْده بمثقل)
وَالله أعلم.
ولد سنة ثَمَانِينَ من الْهِجْرَة وَقيل: سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ، وَقيل: توفّي بالسجن ليلِي الْقَضَاء، وَقيل: توفّي يَوْم ولد الشَّافِعِي وَذَلِكَ فِي رَجَب من هَذِه السّنة، وَقيل: فِي جُمَادَى، وقبره بِبَغْدَاد مَشْهُور. وزوطا - بِضَم الزَّاي وَسُكُون الْوَاو -.
وفيهَا: بِبَغْدَاد مَاتَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق صَاحب الْمَغَازِي، وَقيل: سنة إِحْدَى وَخمسين وَمِائَة، وَهُوَ ثَبت فِي الحَدِيث عِنْد الْأَكْثَر، ذكره البُخَارِيّ فِي تَارِيخه لَكِن لم يرو عَنهُ لِأَن الإِمَام مَالِكًا طعن فِيهِ وَكَذَلِكَ مُسلم لم يخرج عَنهُ إِلَّا حَدِيثا وَاحِدًا فِي الرَّجْم.
وفيهَا: مَاتَ مقَاتل بن سُلَيْمَان الْبَلْخِي الْمُفَسّر.
ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى وَخمسين وَمِائَة: فِيهَا: ولى الْمَنْصُور هِشَام بن عمر الثَّعْلَبِيّ السَّنَد مَكَان عمر بن حَفْص بن عُثْمَان بن قبيصَة بن أبي صفرَة، وَولى هَذَا إفريقية، لقب عمر بهزار مرد أَي: ألف رجل.