للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَعمل لأَصْحَابه كراسي فضَّة ولنفسه تاجا مرصعا على صفة تَاج كسْرَى، وَفِي لَيْلَة الميلاد من هَذِه السّنة أَمر أَن تجمع الأحطاب مِثَال الْجبَال والتلال وَخرج إِلَى ظَاهر أصفهان لذَلِك، وَجمع مَا يزِيد عَن ألفي غراب ليعْمَل فِي أرجلها النفط، وَأمر بِعَمَل سماط عَظِيم فِيهِ ألف فرس وألفا رَأس بقر وَمن الْغنم والحلواء كثير، فَلَمَّا اسْتَوَى ذَلِك وَرَآهُ احتقره وَغَضب على أهل دولته فَلَمَّا انْقَضى السماط وانقادت النيرَان وَأصْبح ليدْخل أصفهان اجْتمع الْجند للْخدمَة وَكثر صَهِيل الْخَيل حول خيمته، فاغتاظ لذَلِك وَقَالَ: لمن هَذِه الْخَيل الْقَرِيبَة؟ قَالُوا: للأتراك، فَأمر أَن تُوضَع سُرُوجهَا على ظُهُور الأتراك ويدخلوا الْبَلَد كَذَلِك، فَفعل بهم فَكَانَ لَهُ منظر قَبِيح، وازداد الأتراك حنقا عَلَيْهِ.

ورحل إِلَى أصفهان وَهُوَ غَضْبَان فَأمر صَاحب حرسه أَن لَا يتبعهُ فِي ذَلِك الْيَوْم وَلم يَأْمر أحدا غير ليجمع الحرش وَدخل الْحمام، فانتهزت الأتراك الفرصة وهجموا فَقَتَلُوهُ فِي الْحمام. ومرداويج - بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الرَّاء وَفتح الدَّال الْمُهْمَلَتَيْنِ ثمَّ ألف وواو ممالة وياء مثناة تَحت وجيم - فارسية مَعْنَاهَا: مُعَلّق الرِّجَال.

وفيهَا: عظم أَمر الْحَنَابِلَة على النَّاس حَتَّى كبسوا دور القواد والعامة فَإِن وجدوا نبيذا أراقوه وَإِن وجدوا مغنية ضربوها وكسروا آله اللَّهْو، واعترضوا فِي البيع وَالشِّرَاء وَفِي مشي الرِّجَال مَعَ الصّبيان وَنَحْو ذَلِك، فنهاهم صَاحب الشرطة عَن ذَلِك وَأمرهمْ أَن لَا يُصَلِّي مِنْهُم إِمَام إِلَّا إِذا جهر بِبسْم اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم، فَلم يفد فيهم، فَكتب الراضي توقيعا ينهاهم فِيهِ ويبوبخهم باعتقاد التَّشْبِيه، فَمِنْهُ: أَنكُمْ تَارَة تَزْعُمُونَ أَن صُورَة وُجُوهكُم القبيحة السمجة على مِثَال رب الْعَالمين وهيئتكم على هَيئته وتذكرون لَهُ الشّعْر القطط والصعود إِلَى السَّمَاء وَالنُّزُول إِلَى الدُّنْيَا وَغير ذَلِك وَآخره وأمير الْمُؤمنِينَ يقسم عَظِيما إِن لم تنتهوا ليستعملن السَّيْف فِي رِقَابكُمْ وَالنَّار فِي مَنَازِلكُمْ.

وفيهَا: تولى الأخشيد مصر، وَهُوَ مُحَمَّد بن طغج بن جف من جِهَة الراضي بِاللَّه، وَكَانَ الأخشيد قبل ذَلِك قد تولى مَدِينَة الرملة سنة سِتّ عشرَة وثلثمائة من جِهَة المقتدر وَأقَام بهَا إِلَى سنة ثَمَان عشرَة وثلثمائة، فوردت كتب المقتدر بولايته دمشق فَسَار إِلَيْهَا وتولاها، والمتولى حِينَئِذٍ مصر أَحْمد بن كيغلغ. فَلَمَّا تولى الراضي عزل ابْن كغليغ وولاها الأخشيد وَضم إِلَيْهِ الشَّام، فاستقر بِمصْر يَوْم الْأَرْبَعَاء لسبع بَقينَ من رَمَضَان مِنْهَا.

وفيهَا: قتل أَبُو الْعَلَاء بن حمدَان، وَذَلِكَ أَن نَاصِر الدولة الْحسن بن عبد اللَّهِ بن حمدَان كَانَ أَمِير الْموصل وديار ربيعَة، وَكَانَ أول من تولى مِنْهُم وَالِد نَاصِر الدولة عبد اللَّهِ أَبُو الهيجاء ولاه عَلَيْهَا المكتفي وَقتل أَبُو الهيجاء بِبَغْدَاد فِي المدافعة عَن القاهر، وَلما قبض عَلَيْهِ وَكَانَ ابْنه نَاصِر الدولة نَائِبا عَنهُ بالموصل اسْتمرّ بهَا إِلَى هَذِه السّنة، فضمن عَمه أَبُو الْعَلَاء بن حمدَان مَا بيد ابْن أَخِيه من ديوَان الْخَلِيفَة بِمَال يحملهُ.

وَسَار أَبُو الْعَلَاء إِلَى الْموصل فَقتله ابْن أَخِيه نَاصِر الدولة، فَأرْسل الْخَلِيفَة عسكرا مَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>