ابْن مقلة إِلَى قتال نَاصِر الدولة فهرب نَاصِر الدولة، فَأَقَامَ ابْن مقلة بالموصل مُدَّة ثمَّ عَاد إِلَى بَغْدَاد، فَعَاد نَاصِر الدولة إِلَى الْموصل وَكتب إِلَى الْخَلِيفَة يسْأَله الصفح وَضمن الْموصل بِمَال يحملهُ فَأُجِيب.
وفيهَا: أرسل الْقَائِم الْعلوِي صَاحب الْمغرب جَيْشًا من إفريقية فِي الْبَحْر، فَفتح جنوة وأوقعوا بِأَهْل سردانية، وعادوا سَالِمين.
وفيهَا: استولى عماد الدّين بن أصفهان وتنازع مَعَ شمكير فِي تِلْكَ الْبِلَاد وَهِي أصفهان وهمدان وقم وقاشان وكرج والري وكنلور وقزوين وَغَيرهَا.
وفيهَا: فِي جمادي الْآخِرَة شغب الْجند بِبَغْدَاد ونقبوا دَار الْوَزير فهرب هُوَ وَابْنه إِلَى الْجَانِب الغربي، ثمَّ راضياهم.
وفيهَا: توفّي إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَرَفَة نفطويه النَّحْوِيّ الوَاسِطِيّ، وَله مصنفات، وَهُوَ من ولد الْمُهلب بن أبي صفرَة، ولد سنة ارْبَعْ وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَفِيه يَقُول الشَّيْخ مُحَمَّد بن يزِيد بن عَليّ الْمُتَكَلّم:
(من سره أَن لَا يرى فَاسِقًا ... فليجتهد أَن لَا يرى نفطويه)
(أحرقه اللَّهِ بِنصْف اسْمه ... وصير الْبَاقِي نواحا عَلَيْهِ)
قلت: وفيهَا: عملت قبْلَة الْمَسْجِد الْجَامِع بمعرة النُّعْمَان بالرخام والفصوص والجص، عمل ذَلِك اخوان من دمشق اسْم أَحدهمَا متوكل، وَلم يزل كَذَلِك إِلَى أَن أحرق تغفور ملك الرّوم الْجَامِع الْمَذْكُور وَأكْثر الدّور بعد أَن فتحهَا فِي سنة سبع وَخمسين وثلثمائة، وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة أَربع وَعشْرين وثلثمائة: فِيهَا قبض الحجرية والمظفر بن ياقوت على الْوَزير ابْن مقلة بدار الْخلَافَة، وأعلموا بذلك الْخَلِيفَة فَاسْتَحْسَنَهُ، وَامْتنع عَليّ بن عِيسَى أَن يَلِي فوزروا أَخَاهُ عبد الرَّحْمَن بن عِيسَى، ثمَّ قبضوا عَلَيْهِ وولوا الوزارة أَبَا جَعْفَر مُحَمَّد بن قَاسم الْكَرْخِي.
وفيهَا: قطع ابْن راتق حمل وَاسِط وَالْبَصْرَة، وَقطع الْبَرِيد، فَضَاقَ مَال بَغْدَاد وَعجز أَبُو جَعْفَر فعزلوه وَكَانَت ولَايَته ثَلَاثَة أشهر وَنصفا واستوزروا سُلَيْمَان بن الْحسن، وراسل الْخَلِيفَة مُحَمَّد بن راتق يستقدمه من وَاسِط واستماله خوفًا مِنْهُ ليقوم بالأمور، وقلده إِمَارَة الْجَيْش وَأمر أَن يخْطب لَهُ على الْمِنْبَر وَكَانَ ابْن راتق قد امسك الساجية قبل دُخُوله بَغْدَاد فاستوحشت الحجرية مِنْهُ.
وَبَطلَت بِابْن راتق وزارة بَغْدَاد وَنظر فِي الْأُمُور كلهَا، وتغلبت الْعمَّال على الْأَطْرَاف وَلم يبْق للخليفة غير بَغْدَاد وأعمالها وَالْحكم فِيهَا لِابْنِ راتق وَلَيْسَ للخليفة حكم.
وَأما الْأَطْرَاف: فَكَانَت الْبَصْرَة لِابْنِ راتق الْمَذْكُور، وخوزستان بيد البريدي، وَفَارِس