للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْأُمَرَاء وَذَلِكَ فِي مستهل شعْبَان مِنْهَا وخلع على أَخِيه أبي الْحسن عَليّ ولقبه سيف الدولة، وَكَانَ قتل ابْن راتق لسبع بَقينَ من رَجَب مِنْهَا.

وَبلغ الأخشيد بِمصْر قتل ابْن راتق فَسَار وَاسْتولى على دمشق.

ثمَّ سَار المتقي وناصر الدولة إِلَى بَغْدَاد فهرب عَنْهَا ابْن البريدي وَنهب بعض النَّاس بَعْضًا، وَكَانَ مقَام ابْن البريدي بِبَغْدَاد ثَلَاثَة أشهر وَعشْرين يَوْمًا، وَدخل المتقي بَغْدَاد وَمَعَهُ بَنو حمدَان فِي جيوش كَثِيرَة فِي شَوَّال مِنْهَا، وَأصْلح نَاصِر الدولة بِبَغْدَاد الدَّنَانِير كَانَ الدِّينَار بِعشْرَة فَبيع بِثَلَاثَة عشر درهما.

وفيهَا: توفّي أَبُو بكر مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ الْمحَامِلِي الْفَقِيه الشَّافِعِي، ومولده سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ.

وفيهَا: توفّي أَبُو الْحسن عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن أبي بشر الْأَشْعَرِيّ، ومولده سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ بِبَغْدَاد، وَدفن بمشرعة الزوايا وطمس قَبره خوفًا عَلَيْهِ من الْحَنَابِلَة وَلَوْلَا السُّلْطَان لنبشوه، وَهُوَ رَحْمَة اللَّهِ عَلَيْهِ من ولد أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ اشْتغل بالْكلَام مُعْتَزِلا زَمَانا، ثمَّ خَالف الْمُعْتَزلَة والمشبهة ومقالته أَمر متوسط وناظر شَيْخه الجبائي فِي وجوب الْأَصْلَح على اللَّهِ تَعَالَى، فَمَنعه الْأَشْعَرِيّ وَقَالَ: مَا تَقول فِي ثَلَاثَة إخوه أحدهم كَانَ برا مُؤمنا تقيا وَالثَّانِي كَانَ كَافِرًا فَاسِقًا شقيا وَالثَّالِث كَانَ صَبيا فماتوا فَكيف حَالهم؟ فَقَالَ الجبائي: أما الزَّاهِد فَفِي الدَّرَجَات وَأما الْكَافِر فَفِي الدركات وَأما الصَّغِير فَمن أهل السّلم، فَقَالَ الْأَشْعَرِيّ: إِن أَرَادَ الصَّغِير أَن يذهب إِلَى دَرَجَات الزَّاهِد يُؤذن لَهُ؟ فَقَالَ الجبائي: لَا لِأَنَّهُ يُقَال لَهُ: إِن أَخَاك إِنَّمَا وصل إِلَى هَذِه الدرجَة بِسَبَب طَاعَته الْكَثِيرَة وَلَيْسَ لَك تِلْكَ الطَّاعَات، فَقَالَ الْأَشْعَرِيّ: فَإِن قَالَ ذَلِك الصَّغِير: التَّقْصِير لَيْسَ مني فَإنَّك مَا أبقيتني وَلَا أقدرتني على الطَّاعَة؟ فَقَالَ الجبائي: يَقُول الْبَارِي جلّ وَعلا: أعلم أَنَّك لَو بقيت لعصيت وصرت مُسْتَحقّا للعذاب الْأَلِيم فراعيت مصلحتك، فَقَالَ الْأَشْعَرِيّ: فَلَو قَالَ الْأَخ الْكَافِر: يَا إِلَه الْعَالمين كَمَا علمت حَاله فقد علمت حَالي فَلم راعيت مصْلحَته دوني؟ فَقَالَ الجبائي: وسوست؟ فَقَالَ الْأَشْعَرِيّ: مَا وسوس وَلَكِن وقف حمَار الشَّيْخ على القنطرة - يَعْنِي أَنه انْقَطع -.

ومقالة الْأَشْعَرِيّ أشهر المقالات، وَلَا مبالاة بتكفير بعض الْحَنَابِلَة لَهُ، والجبائي زوج أم ألأشعري رَحمَه اللَّهِ تَعَالَى.

ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى ثَلَاثِينَ وثلثمائة: فِيهَا سَار نَاصِر الدولة عَن بَغْدَاد إِلَى الْموصل وثارت الديلم ونهبت دَاره، وَكَانَ أَخُوهُ سيف الدولة بواسط فثارت عَلَيْهِ الأتراك الَّذين مَعَه وكبسوه لَيْلًا فِي شعْبَان، فهرب سيف الدولة أَبُو الْحسن عَليّ إِلَى أَخِيه نَاصِر الدولة أبي مُحَمَّد الْحسن بن عبد اللَّهِ بن حمدَان وَلحق بِهِ، ثمَّ قدم سيف الدولة إِلَى بَغْدَاد وَطلب من المتقي مَالا ليفرقه فِي الْعَسْكَر وَيمْنَع تورون والأتراك من دُخُول بَغْدَاد، فأنفذ إِلَيْهِ المتقي أَرْبَعمِائَة ألف دِينَار فرقها فِي أَصْحَابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>