(علو فِي الْحَيَاة وَفِي الْمَمَات ... بِحَق أَنْت إِحْدَى المعجزات)
(كَأَن النَّاس حولك حِين قَامُوا ... وُفُود نداك أَيَّام الصَّلَاة)
(مددت يَديك نحوهم اقتفاء ... لمدهما إِلَيْهِم فِي الهبات)
(وَلما ضَاقَ بطن الأَرْض عَن أَن ... يضم علاك من بعد الممات)
(أصاروا الجو قبرك واستنابوا ... عَن الأكفان ثوب السافيات)
(لعظمك فِي النُّفُوس تبيت ترعى ... بحراس وحفاظ ثِقَات)
(وتشعل عنْدك النيرَان لَيْلًا ... كَذَلِك كنت أَيَّام الْحَيَاة)
ثمَّ سَار بختيار نَحْو الشَّام وَمَعَهُ حمدَان بن نَاصِر الدولة وأطعمه حمدَان فِي ملك الْموصل من أَخِيه أبي ثَعْلَب، فَأرْسل أَبُو ثَعْلَب يَقُول لبختيار: إِن سلمت إِلَيّ أخي حمدَان قَاتَلت مَعَك أَخَاك عضد الدولة، فغدر بختيار بحمدان وَسلمهُ إِلَى أَخِيه أبي ثَعْلَب فحبسه.
وَسَار أَبُو ثَعْلَب بعساكره مَعَ بختيار نَحْو عضد الدولة، فَخرج من بَغْدَاد نَحْوهمَا والتقوا بقصر الجص من نواحي تكريت ثامن عشر شَوَّال مِنْهَا فهزمهما عضد الدولة وَأمْسك بختيار فَقتله ثمَّ قصد الْموصل فملكها.
وهرب أَبُو ثَعْلَب إِلَى ميافارقين، فَأرْسل عضد الدولة فِي طلبه جَيْشًا إِلَى ميافارقين فهرب أَبُو ثَعْلَب إِلَى بدليس، وَتَبعهُ الْعَسْكَر فهرب نَحْو الرّوم فَلحقه الْعَسْكَر واقتتتلوا، فنصر أَبُو ثَعْلَب وَسَار إِلَى حصن زِيَاد وَيعرف الْآن بخرت برت، ثمَّ إِلَى آمد وَأقَام بهَا.
وفيهَا: توفّي مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن قريعة الْبَغْدَادِيّ قَاضِي السندية وَغَيرهَا من أَعمال بَغْدَاد من عجائب الدُّنْيَا فِي سرعَة البديهة يُجيب عَن كل مَا يسْأَل عَنهُ بأفصح لفظ وأملح سجع، اخْتصَّ بِصُحْبَة الْوَزير المهلبي وَكَانَ الرؤساء يلاعبونه بالمسائل المضحكة فيجيب بِلَا توقف كتب إِلَيْهِ بَعضهم: مَا يَقُول القَاضِي وَفقه اللَّهِ فِي يَهُودِيّ زنا بنصرانية فَولدت ولدا جِسْمه للبشر وَوَجهه للبقر وَقد قبض عَلَيْهَا؟ فَكتب سَرِيعا،: هَذَا من أعدل الشُّهُود على الْيَهُود بِأَنَّهُم أشربوا الْعجل فِي صُدُورهمْ فَخرج من أيورهم وَأرى ان يناط باليهودي رَأس الْعجل ويصلب على عنق النَّصْرَانِيَّة السَّاق مَعَ الرجل ويسحبا على الأَرْض وينادي عَلَيْهِمَا: ظلمات بَعْضهَا فَوق بعض وَالسَّلَام.
والسند قَرْيَة على نهر عِيسَى بَين بَغْدَاد والأنبار إِلَيْهَا سندواني فرقا بَينهَا وَبَين بِلَاد السَّنَد.
ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وثلثمائة: فِيهَا فتح أَبُو الْوَفَاء مقدم عَسْكَر عضد الدولة ميافارقين بالأمان وَسمع أَبُو ثَعْلَب بِفَتْحِهَا فَسَار عَن رمد نَحْو الرحبة ثمَّ سَار عَسْكَر عضد الدولة مَعَ أبي الْوَفَاء ففتحوا آمد وَاسْتولى عضد الدولة على ديار بكر، ثمَّ على ديار مُضر والرحبة، ثمَّ اسْتخْلف أَبُو الْوَفَاء على الْموصل وَعَاد إِلَى بَغْدَاد.
أما أَبُو ثَعْلَب فَسَار إِلَى دمشق، وَكَانَ قد تغلب على دمشق قسام وَهُوَ شخص كَانَ يَثِق