(وليل كوجه البرقعيدي مظلم ... وَبرد أغانيه وَطول قرونه)
(سريت ونومي عَن جفوني مشرد ... كعقل سُلَيْمَان بن فَهد وَدينه)
(على أولق فِيهِ الْتِفَات كَأَنَّهُ ... أَبُو جَابر فِي خبطه وجنونه)
(إِلَى أَن بدا ضوء الصَّباح كَأَنَّهُ ... سنا وَجه قرواش وضوء جَبينه)
جلس قرواش لَيْلَة للشراب فِي الشتَاء وَعِنْده البرقعيدي مُغنِي قرواش وَسليمَان بن فَهد وَأَبُو جَابر الْحَاجِب، فَأمر ابْن الزمكدم أَن يمدح قرواشا ويهجوهم بديها فَقَالَ هَذِه الأبيات
وفيهَا: اجْتمع غَرِيب بن معن ودبيس بن عَليّ بن مزِيد وأتاهم عَسْكَر من من بَغْدَاد وَجرى بَينهم وَبَين قرواش قتال، فَانْهَزَمَ قرواش وامتدت يَد نواب السُّلْطَان إِلَى أَعماله فَأرْسل يسْأَل الصفح عَنهُ.
وفيهَا: فِي ربيع الآخر نشأت سَحَابَة بإفريقية شَدِيدَة الْبَرْق والرعد فأمطرت حِجَارَة كَثِيرَة وأهلكت من أَصَابَت، حَكَاهُ ابْن الْأَثِير.
ثمَّ دخلت سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا مَاتَ صَدَقَة بن فَارس المازياري أَمِير البطيحة، وضمنها أَبُو نصر شيرزاد بن الْحسن بن مَرْوَان فأمنت بِهِ الطّرق.
وفيهَا توفّي عَليّ بن هِلَال " ابْن البواب " الْجيد الْخط، وَقيل: مَاتَ سنة ثَلَاث عشرَة، وَكَانَ عِنْده علم وقص بِجَامِع الْمَدِينَة بِبَغْدَاد وَيُسمى ابْن الستري أَيْضا لِأَن أَبَاهُ كَانَ بوابا يلازم ستر الْبَاب، وَشَيْخه فِي الْكِتَابَة مُحَمَّد بن أَسد بن عَليّ الْقَارِي الْكَاتِب الْبَزَّاز الْبَغْدَادِيّ، وَدفن ابْن البواب جوَار أَحْمد بن حَنْبَل.
وفيهَا: توفّي عَليّ بن عبد الرَّحْمَن الْفَقِيه الْبَغْدَادِيّ الْمَعْرُوف بصريع الدلاء قَتِيل الغواشي ذِي الرقاعتين. وَمن مجونه قَوْله.
(من فَاتَهُ الْعلم وأخطأه الْغنى ... فَذَاك وَالْكَلب على حَال سوا)
قلت: وَكَانَ بعض الْفُقَهَاء ينشده: وأحظاه الْغنى - بِالْحَاء الْمُهْملَة والظاء الْمُعْجَمَة - وَهُوَ حسن وَإِن لم يرد ذَلِك قَائِله. وَفِي تَارِيخ ابْن خلكان: أَنه عَليّ بن عبد الْوَاحِد، وغالب ظَنِّي أَنه توفّي بِمصْر واجتاز بمعرة النُّعْمَان وَبهَا الشَّيْخ أَبُو الْعَلَاء فَطلب مِنْهُ شرابًا وَمَا يَلِيق بِهِ، فَأرْسل الشَّيْخ لَهُ نَفَقَة وَاعْتذر بِأَبْيَات مِنْهَا:
(تفهم يَا صريع الْبَين بشرى ... أَتَت من مُسْتَقل مستقيل)
(دعيت بصارع وتداركته ... مُبَالغَة فَرد إِلَى فعيل)
(كَمَا قَالُوا عليم إِذا أَرَادوا ... تناهي الْعلم فِي الله الْجَلِيل)
(قد استحييت مِنْك فَلَا تَكِلنِي ... إِلَى شَيْء سوى عذر جميل)
(وَقد أنفذت مَا حَقي عَلَيْهِ ... قَبِيح الهجو أَو شتم الرَّسُول)
(وَذَاكَ على انفرادك قوت يَوْم ... إِذا أنفقت إِنْفَاق الْبَخِيل)
(وَإِن الْوَزْن وَهُوَ أتم وزن ... يُقَام صغاه بالحرف العليل)