(وَإِن يَك مَا بعثت بِهِ قَلِيلا ... فلي حَال أقل من الْقَلِيل)
وَالله أعلم.
وفيهَا: قَالَه عمَارَة فِي تَارِيخ الْيمن - استولى نجاح على الْيمن كَمَا مر ونجاح مولى مرجان ومرجان مولى حُسَيْن بن سَلامَة وحسين مولى رشيد ورشيد مولى بني رقاد، ولنجاح أَوْلَاد مِنْهُم: سعيد الْأَحْوَال وجياش ومعارك، وَملك نجاح الْيمن حَتَّى توفّي سنة اثنيتين وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة، قيل أهْدى لَهُ الصليحي جَارِيَة جميلَة فَسَمتْهُ.
ثمَّ ملك بعد نجاح بنوه وبنوهم، وَغلب عَلَيْهِم الصليحي كَمَا سَيذكرُ فهرب بَنو نجاح إِلَى دهلك وجزائرها ثمَّ اقترفوا مِنْهَا، فَقدم جياش متنكرا إِلَى زبيد وَأخذ مِنْهَا وَدِيعَة كَانَت لَهُ ثمَّ عَاد إِلَى دهلك مُدَّة ملك الصليحي، وَقدم سعيد الْأَحْوَال إِلَى زبيد أَيْضا بعد عود أَخِيه جياش عَنْهَا واستتر بهَا، واستدعى جياشا من دهلك وبشره بِانْقِضَاء ملك الصليحي وَأَنه قد قرب أَوَانه فَجَاءَهُ جياش، وَظهر حِينَئِذٍ سعيد بزبيد وسارا فِي سبعين رجلا من زبيد فِي تَاسِع ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة، وقصدا الصليحي وَكَانَ فِي الْحَج فلحقاه عِنْد أم الدهيم وبئر أم معبد وقتلاه وأخاه عبد اللَّهِ بن مُحَمَّد بَغْتَة فِي ثَانِي عشر ذِي الْقعدَة من السّنة الْمَذْكُورَة وَمَعَهُ عَسْكَر لم يشعروا إِلَّا بِقَتْلِهِمَا وحز سعيد رأسيهما، واحتاط على زَوْجَة الصليحي أَسمَاء بنت شهَاب وَعَاد إِلَى زبيد، وَكَانَ لأسماء ابْن يُسمى الْملك المكرم أَحْمد بن عَليّ الصليحي لَهُ بعض حصون الْيمن.
وَدخل سعيد بن نجاح وَأَخُوهُ جياش زبيد فِي أَوَاخِر سنة ثَلَاث وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة، والرأسان أَمَام هودج أَسمَاء بنت شهَاب وَأنزل أَسمَاء بدار فِي زبيد وَنصب الرأسين قبالتها، واستوثق الْأَمر بتهامة لسَعِيد.
واستمرت أَسمَاء مأسورة إِلَى سنة خمس وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة، فَأرْسلت خُفْيَة إِلَى ابْنهَا المكرم تسترجيه فَجمع المكرم جموعا وَسَار من الْجبَال إِلَى زبيد وَقَاتل سعيدا قتالا شَدِيدا، فَانْهَزَمَ سعيد إِلَى دهلك وَاسْتولى المكرم على زبيد وَأنزل رَأس الصليحي وَرَأس أَخِيه فدفنها وَبنى عَلَيْهِمَا مشهدا، وَولى على زبيد خَاله أسعد بن شهَاب، وَمَاتَتْ أَسمَاء بعد ذَلِك بِصَنْعَاء سنة سبع وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة.
ثمَّ عَاد بَنو نجاح من دهلك وأخرجوا أسعد وملكوا زبيد سنة تسع وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة.
ثمَّ غلبهم المكرم وَملك زبيد وَقتل سعيدا سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَقيل سنة ثَمَانِينَ، وَنصب رَأسه مُدَّة، وهرب جياش إِلَى الْهِنْد وَعَاد بعد سِتَّة أشهر إِلَى زبيد فملكها فِي بقايا سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ الْمَذْكُورَة، وَكَانَ قد اشْترى من الْهِنْد جَارِيَة هندية فَولدت بزبيد ابْنه الفاتك، وَبَقِي المكرم فِي الْجبَال يَشن الغارات على بِلَاد جياش لَا يقدر على غير ذَلِك.