للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَدي الْخَلِيفَة الْمُسْتَنْصر الْعلوِي صَاحب مصر السّجل بتأميره وَذَلِكَ فِي ربيع الآخر، فعلا قدره وَعظم شَأْنه، وَكَانَ سَبَب شهرته وتقدمه أَنه وَفد إِلَى حَضْرَة الْمُسْتَنْصر رَسُولا من قبل الْأَمِير تَاج الدولة بن مرداس سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة ومدح الْمُسْتَنْصر بقوله:

(طهر الْهدى وتجمل الْإِسْلَام ... وَابْن الرَّسُول خَليفَة وَإِمَام)

(مستنصر بِاللَّه لَيْسَ يفوتهُ ... طلب وَلَا يعتاص عَنهُ مرام)

(حاط الْعباد وَبَات يسهر عينه ... وعيون سكان الْبِلَاد نيام)

(قصر الإِمَام أبي تَمِيم كعبة ... وَيَمِينه ركن لَهَا ومقام)

(لَوْلَا بَنو الزهراء مَا عرف التقي ... فِينَا وَلَا تبع الْهدى الأقوام)

(يَا آل أَحْمد ثبتَتْ أقدامكم ... وتزلزلت بعدكم الْأَقْدَام)

(لَسْتُم وغيركم سَوَاء أَنْتُم ... للدّين أَرْوَاح وهم أجسام)

(يَا آل طه حبكم وولاؤكم ... فرض وَإِن عذل الوشاة ولاموا)

وَهِي طَوِيلَة، ومدحه سنة خمسين وَأَرْبَعمِائَة ثمَّ أنْجز لَهُ وعده بالتأمير فَقَالَ فِيهِ قصيدة مِنْهَا:

(أما الإِمَام فقد وَفِي بمقاله ... صلى الْإِلَه على الإِمَام وَآله)

(لذنا بجانبه فَعم بفضله ... وببذله وبعفوه وبماله)

(لَا خلق أكْرم من معد شِيمَة ... محمودة فِي قَوْله وفعاله)

(فاقصد أَمِير الْمُؤمنِينَ فَمَا ترى ... بؤسا وَأَنت مظلل بظلاله)

(زَاد الإِمَام على البحور بفضله ... وعَلى البدور بحسنة وجماله)

(وعَلى سَرِير الْملك من آل الْهدى ... من لَا تمر الفاحشات بِبَالِهِ)

(النَّصْر والتأييد فِي أَعْلَامه ... وَمَكَارِم الْأَخْلَاق فِي سرباله)

(مستنصر بِاللَّه ضَاقَ زَمَانه ... عَن شُبْهَة وَنَظِيره ومثاله)

وَكَانَ الَّذِي كتب لَهُ سجل التأمير وسعى فِي مَصَالِحه ونهض فِيهِ هُوَ الشَّيْخ الْأَجَل أَبُو عَليّ صَدَقَة بن إِسْمَاعِيل بن فَهد الْكَاتِب بِحَضْرَة الْمُسْتَنْصر، فَشكر الْأَمِير أَبُو الْفَتْح سَعْيه فِي قصيدة مِنْهَا قَوْله:

(قد كَانَ صبري عيل فِي طلب العلى ... حَتَّى استندت إِلَى ابْن إسماعيلا)

(فظفرت بالخطر الْجَلِيل وَلم يزل ... يحوي الْجَلِيل من اسْتَعَانَ جَلِيلًا)

(لَوْلَا الْوَزير أَبُو عَليّ لم أجد ... أبدا إِلَى الشّرف الْعلي سَبِيلا)

(إِن كَانَ ريب الدَّهْر قبح مَا مضى ... عِنْدِي فقد صَار الْقَبِيح جميلا)

(وَأجل مَا جلّ الرِّجَال صلَاتهم ... للراغبين الْعِزّ والتبجيلا)

(الْيَوْم أدْركْت الَّذِي أَنا طَالب ... والأمس كَانَ طلابه تعليلا)

وَلَوْلَا التَّطْوِيل لذكرت من شعر الْأَمِير أبي الْفَتْح الْمَذْكُور كثيرا، فَإِنَّهُ السهل الْمُمْتَنع سَلس القياد عذب الْأَلْفَاظ حسن السبك لطيف الْمَقَاصِد عري عَن الحشو نَالَ رَحمَه اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>