للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وأنجز لي رب السَّمَاوَات وعده الْكَرِيم ... بِأَن الْعسر يتبعهُ الْيُسْر)

(فجاد ابْن نصر لي بِأَلف تصرمت ... وَإِنِّي عليم أَن سيخلفها نصر)

(وَمَا بِي إِلَى الإلحاح والحرص حَاجَة ... وَقد عرف الْمُبْتَاع وانفصل السّعر)

وَكَانَت عَطِيَّة ابْن مَحْمُود لِابْنِ حيوس على الْمَدْح ألف دِينَار، فَقَالَ نصر: وَالله لَو قَالَ عوض سيخلفها: سيضعفها لأضعفتها لَهُ، وَأَعْطَاهُ ألف دِينَار فِي طبق فضَّة.

قلت: وَكَانَ قد اجْتمع على بَاب نصر جمَاعَة من الشُّعَرَاء وامتدحوه وتأخرت صلته عَنْهُم وَفِيهِمْ أَبُو الْحسن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الزويدي المعري الشَّاعِر الْمَعْرُوف، فنظم ابْن الزويدي أبياتاً وسيرها إِلَى الْأَمِير نصر وَهِي:

(على بابك المحروس منا عِصَابَة ... مفاليس فَانْظُر فِي أُمُور المفاليس)

(وَقد متعت مِنْك الْجَمَاعَة كلهم ... بِعشر الَّذِي أَعْطيته ابْن حيوس)

(وَمَا بَيْننَا هَذَا التَّفَاوُت كُله ... وَلَكِن سعيد لَا يُقَاس بمنحوس)

فَأَعْطَاهُمْ مائَة دِينَار وَقَالَ: وَالله لَو قَالُوا بِمثل الَّذِي أَعْطيته ابْن حيوس لأعطيتهم مثله، وَالله أعلم.

وَكَانَ نصر يدمن الشّرْب فَحَمله السكر على خُرُوجه على التركمان الَّذين ملكوا أَبَاهُ حلب وهم بالحاضر فَرَمَاهُ أحدهم بِسَهْم فَقتله يَوْم عيد الْفطر سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة، فَملك حلب أَخُوهُ سَابق بن مَحْمُود.

وفيهَا توفّي أَبُو الْحسن طَاهِر بن أَحْمد بن بابشاذ النَّحْوِيّ الْمصْرِيّ بسقوطه من سطح جَامع عَمْرو بن الْعَاصِ.

قلت: وَرَأى يَوْمًا قطاً ينْقل الطَّعَام إِلَى قطّ أعمى فِي بَيت خراب فاتعظ بِهِ، فاستعفى من خدمَة السُّلْطَان ولازم اشْتِغَاله مَحْمُول الكلفة إِلَى أَن مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى وَالله أعلم.

ثمَّ دخلت سنة سبعين وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا توفّي عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق الْأَصْفَهَانِي الْحَافِظ ذُو التصانيف مِنْهَا: تَارِيخ أصفهان، وبأصفهان طَائِفَة ينتمون إِلَى اعْتِقَاده يسمون العَبْد رحمانية.

ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا ملك تتش بن السُّلْطَان ألب أرسلان دمشق وَسَببه: أَن أَخَاهُ ملك شاه أقطعه الشَّام وَمَا يفتتحه فَسَار تَاج الدولة تتش إِلَى حلب. وَكَانَ بدر الجمالي أَمِير جيوش مصر قد أرسل عسكراً لحصار أتسز بِدِمَشْق، فاستنجد أتسز بتتش وَهُوَ محاصر حلب فَسَار إِلَى دمشق وَلما قرب مِنْهَا رَحل عَسْكَر مصر كالمنهزمين، ثمَّ وصل إِلَى دمشق فَتَلقاهُ أتسز من قريب فَأنْكر عَلَيْهِ تَأَخره عَن لِقَائِه وَقبض على أتسز وَقَتله وَملك دمشق وَأحسن السِّيرَة.

ثمَّ دخلت سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا غزا الْملك إِبْرَاهِيم بن مَسْعُود بن مَحْمُود بن سبكتكين الْهِنْد، فأوغل وَفتح وَعَاد إِلَى غزنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>